حكومة مصغّرة لإدارة "الطفرة"
ماجدة المعايطة
18-02-2016 04:46 PM
في الاقتصاد السياسي نظرية معروفة استخدمتها العديد من دول العالم في شرق آسيا وامريكا اللاتينية من اجل الانتقال بالبنية الاقتصادية الى مرحلة جديدة من التنمية المستدامة، وهي "نظرية الطفرة"... فحواها ان الدولة التي لا تستطيع مراكمة مؤشرات النمو التقليدي، فانها تعتمد الى خلق طفرة استثنائية في الموارد، وتحكمها بثورة ادارية تعيد فيها هيكلة الدولة بحيث توظف هذه الموارد الاستثنائية لخلق بيئة استثمارية انتاجية وخدماتية تصنع معدلات نمو قابلة للاستمرار.
عناصر ومكوّنات الطفرة الاقتصادية، جاءتنا اليوم في الأردن بغير ارادتنا وعلى كره منّا، ومنحتنا فرصة ربما لم تمر على المملكة منذ نشوء الدولة. وأقصد بها الرزمة التمويلية التي ترتبت على مؤتمر لندن للمانحين والذي قدم للأردن برنامجاً لأربع سنوات يتضمن مجموعة مساعدات متعددة الأوجه والاستخدامات تكفي لتصنيع "طفرة" تنموية حقيقية إذا تحقق لها عبقرية الابتكار في الاستخدام والتوظيف. لكن بالمقابل إن لم نوفر لها "الثورة" الإدارية المفترضة، فان الاعباء والنتائج ستكون أصعب مما تخوف منه عديد النواب والمحللين.
طفرة المساعدات التنموية حصلت عليها المملكة من مجموعة دول يضاف لها صندوق النقد والبنك الدوليين مع اليونسكو، وفي نطاق ضوء أممي أخضر يمكن أن نجعل طيفه اوسع وتأثيره أعمق.
المانحون ليسوا جمعيات خيرية ولا صناديق زكاة. ونحن ايضا لسنا ايتاما او من ابناء السبيل. هي مسألة تعاقدية يجري فيها الدفع مقابل الانجاز. ولذلك فان الكرة اصبحت في مرمانا، وعلينا ان نثبت بأن التنمية الشاملة المستدامة في بلد استضافة اللاجئين ستأتي بالمردود الكلي الذي نحتاجه نحن ويطمئنهم هم.
طفرة المساعدات جاءتنا لمعالجة أعباء تفوق حجمنا، سكانا وبينة اساسية وخدمات. وما دمنا سعينا لها ونجح السعي وقبلنا التحدي ، فليس مسموحاً لنا - امام انفسنا وامام الآخرين- أن لا ننهض به ونحوله الى فرصة تاريخية جاءتنا في ظروف استثنائية صعبة علينا وعلى غيرنا.
لقد أبدع وزير التخطيط في استيعاب وترجمة المعالجة الاقتصاد-سياسية، وعاد من لندن بخطة عمل للدولة للسنوات الأربع القادمة تستوجب "انتفاضة " إدارية من خارج الصندوق، مختلفة عن المعهود المتوارث في اداراة الحكومات . فالوظائف البيروقراطية التقليدية للعديد من الوزارات والمؤسسات واللجان واللجان الفرعية، لا يمكن ان تحقق الطفرة التنموية التي اصبحت ادواتها بين ايدينا وتنتظر أن نبدع في توظيفها وادارتها خلال السنوات الاربع القادمة.
باختصار: مطلوب حكومة طوارئ مصغرة داخل الحكومة الحالية وتكون فيها كل الوزارات والمؤسسات ذات الصلة بالتنمية والمجتمعات المحلية ، ضمن خلية حكومية تدير فيها وزارة التخطيط عملية التنمية للسنوات الأربع القادمة المنصوص عليها في مؤتمر لندن ومع صندوق النقد والبنك الدوليين, وفي نفس المنطق والرؤية يجري بناء شراكة حقيقية – انتظرناها طويلا- مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، بحيث نصنع في المملكة الرابعة أردنا جديدا كما فعلت النمور الاسيوية التي نجحت باستخدام نظرية الطفرة.
.... بالمناسبة، مثل هذه الحكومة المصغرة اذا ما نجحت خلال السنة المتبقية على ولاية الحكومة الحالية فان الرئيس يكون بذلك قد اشترى – بالابداع والانجاز - أربع سنوات اخرى في الدوار الرابع.
Majeda811@hotmail