هل الإصلاح أولوية وطنية؟!
د.عبدالله القضاة
18-02-2016 02:33 PM
للدولة حاجات كما للأفراد، وتلبية هذه الإحتياجات يكون تبعا لدرجة إلحاحها ؛ وهناك مراتبية بمستوى هذه الحاجات مصداقا لقوله تعالى "فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ "، فحاجة الطعام مرتبطة بالبقاء ثم تليها حاجة الأمن ، وفي علم الإدارة رتب العالم " ابراهام ماسلو " الحاجات الإنسانية ؛ لتبدأ بالحاجات الاساسية وتليها حاجة الأمن ثم الاحترام فالتقدير وصولا لتحقيق الذات.
الإصلاح بمفهومه الشامل حاجة للشعب الأردني، ولكن : هل هذه الحاجة وصلت درجة الإلحاح؟!؛ ثم هل هي أهم من حاجة البقاء للدولة الأردنية ؟!.
الدولة الأردنية تمر بمرحلة عصيبة جراء تداعيات الحرب السورية، وكافة السيناريوهات لا تبشر بالخير بالنسبة لها، فالسيناريو الأول : عدم وقوع الحرب البرية؛ أي استمرار النزاع بصورته الحالية ؛ وهذا يزيد من معاناة الدولة وإنهاك أجهزتها بسبب حالة التوتر التي تشهدها حدودها الشمالية وتدفق حركة اللجوء السوري بشكل مستمر.
السيناريو الثاني ، وهو الأسوأ على الإطلاق ، ويتمثل بإندلاع حرب برية وقودها الجيوش العربية ، وبالطبع لن تقف قواتنا المسلحة على الحياد، وعلينا أن نتوقع أسوى الإحتمالات ؛ لاسمح الله ، فثمة إعتداء ستتعرض له المملكة من القوات الشرقية (الإيرانية والروسية) ، إضافة للسورية ، مع الإفتراض بعدم تدخل الحليف الأمريكي ميدانيا لصالح القوى العربية التركية ضد حلفاء بشار الأسد.
والسؤال الإفتراضي : ماذا لوإنتهت الأزمة السورية ببقاء نظام الأسد ؛ وماهو أثر ذلك على الأمن الوطني الأردني ؟!.
ستعود المنطقة للحرب الباردة، وهذه المرة لن تكون بين الولايات المتحدة وروسيا ، وإنما بين وكلائهما من القوى الرئيسة في الشرق الأوسط، فإيران ستبدأ بتأسيس ودعم حركات سياسية تتغطى بالثوب الشيعي وتنتشر في مناطق معينة في الأردن ، في حين ستزدهر الحركات اليسارية الموالية والمدعومة من النظام السوري ، وستتراجع الأهمية الأمنية للأردن من المنظور الإسرائيلي، فإسرائيل ستبدأ بالتغزل والتقرب من النظام السوري لاصطياده وجره لاتفاقية سلام منفرده تضمن من خلالها شرعية ضمها للجولان؛ وهذا يفتح شهية الأسد ليضمن حليفاً علنياً ضد الأردن والسعودية !!!.
نعود هنا لتساؤلنا السابق: هل الإصلاح يعتبر في ظل المشهد السياسي الحالي حاجة ملحة للأردن؟!، لا أعتقد أن أي عاقل في الأردن؛ يعتبر الإصلاح حاجة ملحة ، فالدولة الأردنية برمتها في خطر ، فالمطلوب التفكير المتأني بكافة السيناريوهات المطروحة، وعدم الإقدام على أي قرار أو موقف من غير دراسة نتائجة على الأمن الوطني ، إضافة الى إدماج كافة المرجعيات والقوى الوطنية بصنع القرار وإزاحة كافة السدود بين الدولة والمواطن لضمان أن يكون الجميع في الخندق الواحد ؛ قبقاء الدولة هو الأهم في هذه المرحلة.
كاتب ومحلل سياسي اردني
a.qudah@yahoo.com