ثلجٌ مُدمىجهاد جبارة
18-02-2016 12:05 PM
جهاد جبارة ذلك الطفل في بداية مَشيهِ لم يكُن يُتقن سوي القليل من الكلمات، التي لا يُمكنها التعبير عن الدهشة الكبيرة التي كانت تَنتابه كلما طاف في حديقة بيتهم، حين يرى كيف أن الثلج كان يُغطي شجرةً واحدة دون باقي الأشجار، وكانت دهشته تتسع وتَكبُر، حين يسأل بإشارات مُبهمة من أصابع يده المُكتنزة، كيف بمقدور الشمس رسم ظِلّه الأسود على تُراب الحديقة الأحمر المدميّ، وليس بمقدورها أن تُذيب الثلج الذي ملأ أغصان تلك الشجرة حتى أثقَلَها! ما كان بإمكان أحد أن يقرأ إشارات أصابع الطفولة تلك، سوى الشجرة التي ما أن هَبّت ريحٌ أيقظت سَبلَ الشعر الأشقر في حقل رأس الصغير، حتى بادرتهُ بأن أسقَطَت بعض نُتَف من الثلج بين قدميع الصغيرتين، فالتقط واحدة منها وراح يتأملها فازدادت دهشته لما وقع بصره على بقعة بلون القُرُنفل الأحمر الباهت قد اختلطت ببياض الثلج، في بداية الأمر ظَنّها دَم عصفور من تلك العصافير الصغيرة التي كانت تلوذ بظل الشجرة كلما قرص الشمس إزداد سطوعا. ألطفل الذي لم يُتقن الكلام بعد، راح يُراقب شجرة الثلج من نافذة غرفته المُطلّة على الحديقة في كل مساء يقترب فيه الموعد الذي ضربه النُعاسُ مع عينيه، فكان يغفو طوال الليل وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة حزينة كعلامة تَعجّب سقطت منها قطرة دَمع، كان يُمعِنُ بسؤال لم يسمعه أحد، تُرى دَم من مِن العصافير الذي اختلط بثلج تلك الشجرة؟ هذا السؤال المُعذّب قاده للظن بأن ما رآه من دم يختلط بالثلج لم يكن سوى دموع الشجرة التي ربما كانت تتساقط كلما هَبّت ريح عاتية لتضرب ثلجها الذي تَعلّقت به، أيما تعلّق. لم يهتدِ الطفل على جواب لسؤاله إلا بعد أن قَسَت أسنانه، وذاقَ اللوز الأخضر! |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة