كلما سقط كتاب من رفوف المكتبة أعدته إلى مكانه وعاودت الكتابة، فأصوات الانفجارات بالشقيقة درعا لم تهدأ والغارات الجوية على أشدّها منذ الصباح، والحمام الشقيق يفرّ في سماء واسعة بين الحديّن لا يدري الى أين يلجأ.. كلما هممت بالكتابة أوجعني قلبي على درعا فنظرت الى التلال القريبة لأرى الدخان الأسود يلّون خضرة السهول، وصوت القذائف القريبة أقوى بكثير من نشيد الأطفال في مدارسهم الحورانية..
منذ أسابيع والقذائف العمياء تتساقط على أرض الرمثا وتخترق البيوت وتحطم زجاج النوافذ، ومع ذلك لم تتكرّم كاميرا واحدة للتلفزيون الأردني بتصوير ما يجري على الأرض الأردنية بينما تنشغل بتصوير عرض «للثياب المطرّزة» أو تقوم بعمل لقاء مع صاحب «عنزة جابت توم»... ومنذ أسابيع لم يقم مسؤول حكومي بزيارة الرمثا او الاقتراب من حدودها، باستثناء الفريق أول رئيس هيئة الأركان المشتركة ...الذي زار الوحدات العسكرية ومعبري الرمثا وجابر..
الرماثنة لا ترهبهم الحروب، ولا ترعبهم أصوات الانفجارات، ففي حرب ال48 و67.. كانوا يبنون بيوتهم بأيديهم ، يحصدون قمحهم في حرب حزيران ، ويلوحون للطائرات التي تحلق فوق سماء اربد بالمناجل.. ثم يعاودون عملهم..لكن أهل الرمثا يعتبون على من ينساهم ولا يتفقّدهم بالسؤال عن احوالهم، أو يشعرهم أنهم جزء من الوطن.. بالمناسبة هم لا يريدون أكثر من ذلك...
ولمن لا يعرف الرمثا من المسؤولين.. يستطيع ان يبحث عنها بجوجل.. عندها لن تبخل عليه «اليوكيبيديا» بشرح إحداثيات المكان والمساحة والسكان والخصائص الجغرافية وسبب التسمية وبعدها عن العاصمة عمان..
«اليوكيبيديا» تؤكّد انها مدينة أردنية...ويستطيع المسؤول أن يقرأ ذلك بنفسه..
اعتقد ان الحكومة لديها وقت فراغ تقضيها بالمناسبات الاجتماعية... عظيم... بإمكانها ان تحضر الى الرمثا في وقت فراغها لتشاهد بأم عينها فعالية الانفجارات ووليمة «القذائف»... هل تعتقد ان الجاهات أولى من «المواجهة» ... وان حضور عرس أهم بكثير من سلامة 200 الف مواطن أردني..هل يستوي العرس والحرب في نظرها ؟..
الا اذا كانت تعتقد ان ما يجري في الشمال هي مناسبة «طهور» ولا يستدعي من الحكومة الحضور..
الرأي