"قمقم" الأراضي الذي فتح مجدداً!
عصام قضماني
18-02-2016 02:40 AM
هذه الألغام التي تنفجر في وجه الحكومة حول الأراضي بين فترة وأخرى , مكانها المحاكم.
فنحن إما أن نثق بحكم القضاء أو أن نترك الأمر وشأنه , فليس مطلوبا من الحكومة الخوض في هذا الغمار لكن مطلوب منها تنفيذ قرارات حماية أصحاب الحقوق وفي مقدمتهم المواطن والمستثمر الذي ينشىء مصنعا لتشغيل هذا المواطن.
فجأة استيقظ سكان مناطق شاسعة في الجبيهة على من يقول لهم هذه الأراضي والعقارات والبيوت ليست لكم , والقرار كان قضائيا نظر الى الأوراق لكنه لم يكن معنيا بالتداعيات.
حدث هذا في مدينة الموقر الصناعية عندما أغرى ارتفاع أسعار الأراضي بعض مالكيها السابقين المطالبة بإستعادتها أو بفرق السعر بإعتبار أنهم وقعوا ضحية الخداع، والحقيقة أنه لو لا الإستثمار الذي حضر لما زادت الأسعار.
هذه الأراضي خارج حدود الملكيات الخاصة تقع في صنفين، الأول أراض تملكها سكان المناطق بوضع اليد وتحت ما يسمى بالإستفادة من حوافز التطوير الزراعي لأراض زرعت لكن بالحديد والإسمنت , أما الثاني فهي أراضي أطلق عليها إسم الواجهات العشائرية , وظلت هذه الصفة متوارثة عبر الأجيال , وبعضها جرى تداوله بيعا وشراء أكثر من مئة مرة بينما بقيت هذه الأراضي مسجلة باسم الخزينة.
حسم ملكية هذه الأراضي إجراء يجب أن يسبقه إنشاء مؤسسة أو هيئة ذات عنوان ومهام وشرعية واضحة لتحديد إستخدامات هذه الأراضي تفويضا أو تأجيرا أو حتى بيعا فيه تحديد لمرجعية واحدة قابلة للرقابة والمساءلة.
المارد الذي يسكن قمقم أراضي مصنع اسمنت الفحيص أيقظ مجددا على وقع تداعيات أراضي الجبيهة، وكلاهما ضحية للتخطيط قصير النظر والتوسع العشوائي فالمصنع بني في خمسينيات القرن الماضي ليكون في منطقة نائية, لكن زحف المساكن سرعان ما أحاله إلى جزيرة في وسط مدينة ما تزال تتوسع, فكان هذا الوضع المشوه صورة سيئة للعشوائية في التخطيط الذي ما كان ينظر إلى ما هو أبعد من» الأرنبة». الوضع الراهن واقع لا مفر منه وان كان تكرر في وضع مصفاة البترول حاليا, وانسحب بلا هوادة على المولات والخدمات التي تتوسط اليوم المساكن, فان المسألة غاية في التعقيد لا تحل بجرة قلم وقد غدت عصية لا تنفع معها الحلول السريعة والمتعجلة التي قد ترتب كلفا ليس هذا أوانها, بقدر ما ينبغي أن تأخذ مداها بحثا ودراسة تكفل تحقيق تسوية عادلة لجميع الأطراف.
أهالي الفحيص إستفادوا على مدى عقود طويلة من المصنع وصحيح أن من حقهم أن ينعموا بالسكينة وأن يفوزوا ببعض الأراضي مثل جوائز إنتظروها طويلا , لكن من حق المصنع أن يحمي استثماراته وحقوق مساهميه, والحلول أيا كانت يجب أن تأخذ بالاعتبار هذه المعادلة, كما أن الرأي العلمي والجدوى الاقتصادية لا يجب تغييبهما.
الرأي