تشير أرقام دائرة الإحصاءات العامة إلى أن مستوى أسعار المستهلك في بداية هذه السنة يقل عن مستواها في بداية السنة الماضية بمقدار 1%.
هذه الحالة تسر المستهلك الذي يتمنى أن تستمر لاطول مدة ممكنة ، وإن كان هذا يسحب البساط من تحت أقدام المدمنين على التذمر الذين يشكون من الغلاء وانخفاض مستوى المعيشة.
لكن التضخم السالب ليس مؤشراً إيجابياً في نظر الاقتصاديين ، أولاً لأنه يؤدي للمزيد من البطالة بسبب انكماش الشركات والاستغناء عن بعض العاملين وثانياً لأن استمراره قد يؤدي لتحويل الركود الاقتصادي إلى كساد. ومن المؤكد أن التضخم السالب يدعو لانزعاج السلطات النقدية التي تفضل أن ترى تضخماً إيجابياً معتدلاً يتراوح حول 3% سنوياً.
هناك أكثر من سبب للتضخم السالب الراهن أهمها انخفاض أسعار البترول الذي خفض أسعار المحروقات التي تشكل في الاردن حوالي 15% من الإنفاق العام ، وخاصة من خلال انخفاض كلفة وقود السيارات وتكاليف النقل والإنارة ، وتمكين الصناعة التحويلية من تخفيض أسعارها على ضوء انخفاض تكاليف الإنتاج.
العامل الآخر الذي أدى إلى التضخم السالب هو الركود أو التباطؤ الاقتصادي ، مما يخفض الطلب الكلي ويضطر المنتج والبائع لتخفيض السعر.
يمكن إضافة أسباب أخرى ذات أهمية مثل ارتفاع سعر صرف الدينار بالقياس لمعظم العملات الرئيسية غير المرتبطة بالدولار كاليورو والين مما يخفض كلفة المستوردات التي تشكل نسبة عالية جداً من الاستهلاك والإنتاج لا يقل عن 55%.
انخفاض الأسعار بشكل عام ليس ظاهرة صحية ، وتأثيره على الاستثمار والنمو سلبي ، وهو يمثل حالة انكماش استثنائية تتصدى لها البنوك المركزية عن طريق التوسع في السياسة النقدية ورفع سيولة الاقتصاد الوطني. وتخفيض سعر الفائدة إلى مستويات متدنية.
انخفاض تكاليف المعيشة ، وهبوط أسعار المستهلك وخاصة المحروقات ، يوفر للحكومة فرصة مناسبة لإصلاح الدعم الاستهلاكي ، فليس من الضروري أن يباع الخبز لثلاثة ملايين وافد ولاجئ وسائح ودبلوماسي بثلث كلفته ، والماء ينصف كلفته. العائلة الأردنية التي تملك من السيارات والهواتف النقالة بعدد أعضائها تستطيع أن تدفع الثمن الحقيقي للخبز الذي تستهلكه من مالها وليس من عجز الموازنة والمديونية والمنح الأجنبية.
الرأي