زمان في بدايات الشباب، وأواخر الصبا.. كنت أخاف، بأن ينكشف سر حبي لجميلة .. وكنت أخاف أن أشترك في (هوشة) عابرة وأبطح، ويتناقل رفاق السوء الخبر ويقولون أن عبدالهادي قد (إنبطح) ...وكنت أخاف من أن أدخل محاضرة ولا أجد أي صبية فيها، وأخاف أن تصيبني لعنة البداية .. حين أكتب قصيدة لصبية إلتحقت للتو , بقسم التاريخ في كلية الاداب ولا يأتيني الإلهام ...طالبات التاريخ كن يتأثرن بالشعر كثيرا.
كنت أخاف , من أن يقوم الجيران بإخبار أبي , بأني علمت كل الصبية من سكان الحارة والذين تقل أعمارهم عن (14) عاما التدخين , وأخاف أن يقول مدير المدرسة لأبي أيضا بأني كنت أهرب , من الصف حين يلعب الفيصلي ... لم أترك مباراة للفيصلي تغيب عني.
زمان كنا نخاف من الأب، ومن المدرسة، من الجامعة .. من العشق الذي يندلع عند أول نظرة ثم يخفت , من أشياء صغيرة ...
وكبرت وكبر خوفي معي ... أنا خائف، من المكون السوري .. خائف من وزير في الدولة يستعمل مصطلح المكون السوري وأسأل نفسي هل استعملها عبثا أم بقصد.. صدقوني لست خائفا من المكون ذاته بقدر خوفي من الوزير، خائف من حجم القلق الساكن في عيون الناس , فأنا منذ عام ما وقفت على الإشارة الضوئية بسيارتي إلا وشاهدت عيون الناس تدمع قلقا ... خائف من تداعيات الأزمة السورية وأسأل بكل ما في الدنيا من قلق هل أرضنا قادرة على استيعاب كل هذه الأمواج من اللاجئين.. وهل التراب الأردني صار خائفا مثلنا.
خائف من حجم الجوع الذي صار ينبت أكثر من عشب الربيع , وخائف من العلاقة التي تنشأ بين الناس والحكومات , ما عادت علاقة ثقة.. صارت علاقات مبنية على الشك والتذمر ...خائف من المستقبل وكل همي في الحياة كان أن يحصل أطفالي على حاضر ومستقبل أفضل من الحرمان الذي عشته , ومع ذلك أصدم حين أجد أن طفولتي لم يكن فيها خوف وقلق ودمار.. وانهيار دول، مثل الواقع الذي يمر به أطفالي..
أنا خائف جدا.. والأخطر، أن الخوف يستوطن النفس حين تنهار معنويات الناس.
كل ما وددت قوله هو :- أنا خائف.
الرأي