الفنان الأردني .. ونوستالجيا الحنين للإبداع ؟
فيصل تايه
16-02-2016 11:35 AM
نعي تماما ان الفن بمختلف صنوفه هو رسالة لها دورها العارم في رفع وعي الإنسان وتحقيق التنوير والتثقيف والارتقاء، وكذلك دوره في قلب أوضاع الثقافية والاجتماعية التقليدية ، ما يجعلنا نستذكر عمالقة الفن الأردني الذين قضوا وافتقدناهم وتركوا فراغا عميقا حيث كانوا بمثابة بشارة وأيقونة زاخرة للإصرار والعطاء والعمل الإبداعي بالنسبة لأبناء جيلنا اليافع حينها.
ولذلك فانا دائما نجد انفسنا في حضرة نوستالجيا شديدة من الحنين الطاغي إلى ذلك الاداء الفني المحفّز بنبالة وطنية رفيعة على حالة النهوض وعدم اليأس ، خصوصاً بعد أن غمرتنا - ومنذ فترة للأسف - حالة الكساح والنكوص الجمعي المريع، تلك الحالة اللدودة التي كرّست لنا أيضاً - وبشكل ممنهج كاد يقصم أحلامنا تماماً - كل هذه الخيبات المتوالية الصادمة والمماحكات والخلافات التي لا أقسى منها.
انني وبكل صراحة مازلت أرى كل النُخب الفنية بمختلف مستوياتها لا تكاد تعادل من الناحية الحيوية - في تأثيرها على مستوى الواقع اليوم - أمام ما تمثّله مضامين الرساله الانسانية العميقة التي يجب ان يحملها كل واحد فيهم ولو ان العتب الكبير على المعنيين من جهات رسميه ونقابية في ظل تدني مستوى الدعم المادي للفنان الأردني ، واستمرار انخفاض موازنة وزارة الثقافه ودائرة الإنتاج الفني في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية ، وهيمنة القطاع الخاص التجاري لادركنا ان الاعمال الفنية الاردنية يجب ان تكون على رأس مصفوفة لها اولوياتها ضمن منظومة معتبرة من الأغاني والأناشيد والافعال المسرحيه والدرامية الاذاعية والتلفزيونية التي تسقي الروح الوطنية الذابلة إجبارياً وعلى الريق، بحيث يكون من أسمى المحفّزات القيمية واسعة الإجماع والدلالات والاصطفاف في اتجاه المطلوب .
اننا بحاجة فعليه أن يترافق الأمر بالضرورة مع نوايا إجراءات حقيقية - لا شك فيها - نحو يقظة إصلاحات عاجلة على كافة الأصعدة في مؤسسه الفن الاردني بدعم الدولة والمجتمع وإلا سيبدو الأمر مجرد سخف نحن في غنى عنه لأنه ببساطة سيجعلنا نتمرّغ أكثر في الغيبوبة المخجلة التي دخلنا فيها بعد انقراض جيل العمالقه من رواد الفن الاردني الاصيل ومازلنا نعاني تكرُّسها كنمط حياتي لا يتزحزح على الرغم من الاعمال الخجوله المهيبة .
نعم .. ما زلنا نراوح مكاننا رغم معرفتنا إن للفن معطياته الموضوعية في استيعاب وصيانة وحراسة ذاكرة المجتمع وتوجيهها بشكل تراكمي متجذّر وقوي للانتصار على حالة الهشاشة الجامحة وعلى كل المستويات حيث ننتظر من الجهات ذات العلاقه ان تنقذنا من جذوة النكوص المريع .
اننا بحاجة ماسة الى استثمار حقيقي لطاقات الفنانين الشباب الذين هم الأكثر حماسا وتضحية في استعادة هيبه الفن الاردني .. كما أنهم الأكثر مغامرة والأكثر ابداعا وبالتالي فإنهم الأكثر تطلُّعاً إلى الاردن بلد الفن والفنانيين والأكثر مراهنة على ذلك .
لكني وبلغة أخرى أعود لأقول : يؤدّي التنكيل الكلامي المستمر بين الفنانين الرواد إلى معطيات نفسية لا تخلق جواً مشبعا بالراحة للانطلاق باعمال ابداعية خلاقة ، بقدر ما يؤدّي إلى متاهات جديدة تعطّل العمل ولا تنقذ الفن الاردني الاصيل أبداً.
والله من وراء القصد
مع تحياتي