المساواة وقانون الانتخابات
مخلد الدعجه
26-03-2007 02:00 AM
بمناسبة الحوارات المفتوحة - سواء كانت جدية أو غير ذلك - حول قانون
الانتخابات وتعديلات لا بد من النظر إلى اعتبارات وقيم المساواة بين
الأردنيين جميعا باعتبارهم متساوين بالحقوق والواجبات . وعند الحديث عن المساواة وقيمها في الحقوق والواجبات فيكون مرجعنا الدستور
الأردني وخصوصا أحكام المادة 6/1 : (( الأردنيون أمام القانون سواء لا تميز
بينهم في الحقوق و الواجبات و إن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين )). وهذا
نص بحكم مطلق لا يجوز بأي حال من الأحوال مخالفته أو تجاوزه بل يجب أن يكون
المعيار الرئيس في تطبيق وإعمال قيم ومفاهيم واعتبارات المساواة بين الأردنيين
بغض النظر عن أصولهم أو جنسهم أو أعراقهم أو دينهم أو طوائفهم .
ومن يطالع قانون انتخابات مجلس النواب الحالي و نظام تقسيم الدوائر الانتخابية
يجد أن المشرع قد فرق بين الأردنيين وتعامل معهم على أسس عدم المساواة وقسمهم
على أسس عرقية و دينية وجنسية وميز بينهم استناداً على الأسس التي حرمها
الدستور وحرم النظر بها إليهم وخصوصا عند الحديث عن الحقوق والواجبات .
ومن مظاهر التمييز وعدم المساواة ما ورد بنظام تقسيم الدوائر الانتخابية حيث
تم تخصيص مقاعد نيابية على أسس عرقية ودينية وجنسية, ومن ذلك نجد أن هناك
مقاعد مخصصة للنواب الأردنيين من أصول شركسية وشيشانية واستند المشرع في هذا
التخصيص إلى أسس واعتبارات عرقية.
و كذلك فقد أغرق المشرع في عدم المساواة بين الأردنيين مرة أخرى -مخالفاً
لأحكام الدستور- عندما خصص بعض المقاعد النيابية – (على أسس دينية )- للأردنيين
من أتباع الديانة المسيحية السمحة وفي ذلك مخالفه صريحة لأحكام المادة الثانية
التي تقضى بأن الأردنيين سواء في الحقوق و الواجبات و أن اختلفوا في العرق أو
اللغة أو الدين .
و لم يكتف المشرع في قانون الانتخابات و نظام تقسيم الدوائر الانتخابية إلى
التميز بين الأردنيين على أساس العرق أو الدين بل ذهب إلى التميز بين الأردنيين
على أساس الجنس فقد تم تخصيص ستة مقاعد للنساء الأردنيات باعتبارهن نساء فقط و
في ذلك مخالفة صريحة لمبادئ المساواة بين الأردنيين- مع الاحترام لأراء
المدافعين عن حقوق النساء وسياسات التمكين -.
وبالنظر إلى تلك الأسس العرقية والدينية والجنسية التي قام عليها نظام تقسيم
الدوائر الانتخابية فأننا نجد أن المشرع قد خالف احد أهم مواد الدستور الأردني
وخرق مبادئ العدالة وحقوق المواطنة وسن نصوصا قانونية تشرع التمييز بين أبناء
الشعب وتجعل من المحاصصة العرقية أو الدينية أو الجنسية طريقا لتشكيل مجلس
النواب.
في ظل المناقشات و الحوارات حول التعديلات على قانون انتخابات مجلس النواب
وبغية الوصول إلى دولة المؤسسات ودولة القانون بالمعنى الحقيقي نتمنى على أصحاب
القرار والمتداخلين بتلك المناقشات من القوى الوطنية والشعبية والحزبية عند
أجراء تلك التعديلات إن تتم مراعاة مبادئ المساواة بين الأردنيين أعمالا
لأحكام الدستور وان يتم النظر إلى الأردنيين جميعا بعين المساواة وان لا يصدر
قانون الانتخابات أو نظام تقسيم الدوائر الانتخابية بشكل يخالف أحكام الدستور و
أن لا يكون هناك ما يمكن أن يميز بين الأردنيين على أية أسس فالأردنيون أمام
القانون سواء لا تميز بينهم في الحقوق و الواجبات و أن اختلفوا في العرق أو
اللغة أو الدين .