بانتقال طائرات F16 السعودية الى مطار انجيرليك الذي يعتبره الاستراتيجيون مطاراً اطلسياً بامتياز، وبالقصف المدفعي التركي لمواقع اكراد الشمال المتحالفين مع الولايات المتحدة والنظام السوري، يجد الجميع انفسهم في ذروة المناورة، فحقائق انتقال اطراف النزاع الى مرحلة اقرب الى الصراع العسكري، ما تزال بعيدة جداً، والعودة الى الحرب الباردة التي كانت بين الولايات المتحدة وحلفائها والاتحاد السوفياتي وحلفائه، لا بدّ من خلق محددات جديدة لها: فجدار برلين لم يعد قائماً، وحلف وارسو اصبح من الماضي البعيد، وعدم الانحياز والحياد الايجابي وبقية «الكراكيش» في لعبة الأمم اختفت، حتى ان الجمهوريات السوفياتية لم تعد على علاقات عادية مع الاتحاد الروسي: فجورجيا، التي جاء فيها ستالين، ابتلعت انفصال اجزاء منها، وسكتت على «الظلم» الروسي، واوكرانيا التي جاء منها كروتشوف هي الآن مجزأة بين روسيا التي اعلنت ضم شبه جزيرة القرم الى اراضيها، وبين انفصاليين ارثوذكس، سلاف يساندهم الجيش الروسي واوكران كاثوليك اوروبيون يساندهم الحلف الاطلسي والوحدة الاوروبية، والى جانب ذلك انفصلت اذربيجان واتخذت موقفاً عدائياً من موسكو التي اختارت الوقوف الى جانب الارمن، ورسخت سطوهم العسكري على جزء منها (اقليم نوغورنو كارباخ).

روسيا ما تزال تمتلك قوة الردع النووي السوفياتي، رغم ان حجمها على الخارطة لم يعد كما كان، ورغم ان وضعها الاقتصادي تدهور الى حد ملامسة الافلاس: بين انهيار اسعار الطاقة، والعقوبات التي فرضها الاميركيون والاوروبيون.

ما نقوله ليس تقليلاً من القوة الروسية، وانما هو محاولة لفهم صعوبة العودة الى الحرب الباردة بمحتواها القديم، ومحاولة لفهم صعوبة استمرار الاندفاع في سوريا، وخطورة تحالفها مع ايران.

فآيات الله لهم طريقتهم في دفع القوى الكبرى للحرب، وحصاد نتائجها كما في العراق وافغانستان.

إن مرابطة سلاح الجو السعودي في انجيرليك التركية، وحتى ارسال وحدات قتالية منتقاة للمرابطة على الحدود التركية، لا يعني ان هناك كسر عظم مع روسيا، فموسكو ستستقبل الملك السعودي في نيسان، وما تريده الرياض هو مواجهة المد الايراني في ارض عربية اسلامية سُنيّة. وربما استطاعت قوى التحالف العربي دخول صنعاء قبل خمس دقائق من إعلان وصول أول دفعة مقاتلة سعودية، اماراتية قطرية الى الأراضي التركية.

حتى الآن نحن في مرحلة العض على الأًصابع!.

الرأي