تَعهُدْ الحكومة بتوفير 200 ألف فرصة عمل للاجئين السوريين، يدعو للاستغراب والاستهجان والعجب معاً؟! فلو كانت الحكومة لديها الخطط والقدرة على توفير هذا الكم من الوظائف في الاقتصاد الأردني وتحجب هذه القدرات عن الشعب الأردني فالأحرى بالحكومة أن تُقدم للمحاكمة بتهمة الحنث بالقسم الذي يرتكز في فحواه على الإخلاص للوطن، وفي حجب هذه القدرة خيانة عظمى تُستدعى المسائلة ومحاسبة المقصرين إذ أن مطالبة الحكومة للدول المانحة بـ2 مليار دولار على مدار ثلاثة سنوات مقابل التعهد بتشغيل 200 الف لاجئ سوري تعني أن لدى الحكومة قدرة بما أنها تتعهد وعملية توفير 2 مليار إذا كانت ستوفر 200ألف فرصة عمل بالتأكيد عملية سهلة ، وممكن بسهولة أن تكون قرض تجمع بنكي خصوصاً و أن الحكومة ومنذُ فترة تميل للاقتراض الخارجي بالدولار وأن سندات الخزينة عادت لتُغطَى في السوق المحلي بسهولة ولإضعاف قيمتها ولدى البنوك الأردنية اموال معروضة للإقراض والبنوك تفضل القروض الحكومية في العادة.
في العرف الاقتصادي وحسب دراسات سوق الشرق الأوسط فإن استثمار ناجح لِمليار دولار في الصناعات الخفيفة يخلق في الحد الأعلى 25 ألف فرصة عمل وفي الصناعات المتوسطة 20 ألف فرصة وفي الصناعات الثقيلة والتي تكاد منطقة الشرق الأوسط أن تخلو منها من 15 ألف فرصة عمل.
وبذلك فإن 2 مليار استثمار توفر في الحد الأعلى 40 ألف فرصة عمل ولكن الإستثمار في الأردن ضمن الضوابط والعوائق والاتفاقيات والقوانين المحلية والإقليمية والدولية ألغى الاستثمار في قطاع الإنتاج الصناعي ، علماً بأنه الاستثمار الأهم المنتج لفرص العمل وعليه تستطيع الحكومة أن تخلق هذه الفرص إذا توسعت في مجال التعدين، حيث هناك العديد من الصناعات التعدينية يمكن التوسع فيها وهناك الكثير من المعادن التي تأكدَ وجودها ولم يتم استخراجها ولم تُعط تراخيص لتصنيعها، ولكن في مجال الصناعات الغذائية مثلا ًوالخدمية فإن الكثير من المصانع الأردنية قد توقفت أو غادرت إلى دول مجاورة في العام الماضي فقط فقدنا 1600 مصنع حيث أغلقت أو هاجرت، وفي مجال الصناعات الخفيفة والمتوسطة فحسب احصائيات أمانة عمان هناك 48000 رخصة مهن لم تُجدد لهذا العام بما يعني أننا فقدنا فرص عمل موازية لهذا العدد أو أضعافه وبالتالي على الحكومة أن تجتهد للمحافظة على المشاريع القائمة وتحث السير لخلق فرص عمل.
إذا كانت الحكومة لديها تصور لخلق مشاريع لإستيعاب هذا العدد ، ومبلغ 2 مليار لا يكفي رواتب لـ200 ألف عامل في مهن بسيطة وبذلك فإن الأردن سوف يتحمل عبئاً جديداً لعمل المشاريع والصرف عليها ودفع رواتب العاملين لو فرضنا راتب الفرد 500 دولار فإن الراتب السنوي لـ200 الف موظف 1,2 مليار سنوياً وبذلك فإن الخزينة تكون مُلزمة بدفع 1,6 مليار دولار في الثلاث سنوات رواتب عدا كلفة المشاريع.
آمل أن توفق الحكومة فيما تتعهد به وفيما يمكنها الوفاء به حتى يبقى الأردن المؤهل لكسب ثقة الجميع.