facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




في النحل أسرارنا


بريهان قمق
26-03-2007 02:00 AM

كريس موريسون مؤلف الكتاب الشهير" العلم يدعو للإيمان " الذي تمكن وبعلميّة من مخاطبة كل الأديان وأصحاب الإيدولوجيات ، وإثارة الإعجاب والاحترام بما يمتلكه من حدس وواقعية علميّة لا تتعثر أبدا لغته على عتبات مخاطبة الروح . يشغل مركز رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك منهمك في الكائنات الجميلة غير مكترث بأي معبد من حجر، ولا لدمعات الشمس المنسدلة من أسقفها ، ولا لتململ الأقدام على وثير الحرير في أرضياتها ،أو حوارات النهاية في الزمن البشري ، إنما هو مؤمن جدا و بروحانية شفيفة تتنفس من معبد سداسي يحاول مع رفاقه العلماء في معبدهم العلمي الإنصات للأسرار التي بعد مازالت مخبوءة بعسل ميراث الحياة مزهوّا بهذه الكائنات العجيبة.. و يقول موريسون : لابد أن يكون هناك خالقا أرشدها إلى كل تلك الأعمال العظيمة التي تقوم بها بإتقان بديع ..

ونظرا لأن معبد العالِم قائم على الحقيقة الظاهرة للحواس وإن كانت مدفوعة بحدس يقارب الكشف ، إذن لابدّ من تلمس طريقه الإيماني من خلال بعض غرائب حقائق مملكة النحل ، وسأتناول ما يروح للجسم الصحيح ببعده الفيزيقي والميتافزيقي والتي راحت لأثرهذا الجسد في الأداء الفكري الصحيح سواء أكان عقليّ المنبع أم موضعا ما داخليا آخر غير مرئي .

كما هو معروف أ ن وظيفة الذكور تتمثل في حياتها كلها بتلقيح الملكة . ولذلك كان العلماء حائرين حول معنى هذا الإنجاز الإخصابي لايتم إلاّ عبر ذكر واحد فقط ، وما معنى سقوط البقيّة في موت يبدو وكأنه عبثي ..

وراح التساؤل أيضا: لما لا توجد وظائف ما ، يقوم بها في الخليّة وما الحكمة من عدم عمله ، وهل فعلا هو خامل كسول أم لا ..!!؟؟

أمام الحقائق التي تقول ان ذكر النحل لا يحتوي في أرجله سلات تمكنه جمع رحيق الأزهار فيها . إضافة لقصر لسانه فلا يقوى من خلاله امتصاص رحيق الأزهار . والذي يعني عجزه تماما حتى عن تغذية نفسه ، بل إنه يستجدي الطعام من العاملات !!

إذن سلوكيا الكسل ليس من طبعه ، ولكنه بيولوجيا ليس مهيأ للقيام بما تستطيع العاملات فعله . ولكنَّ الطبيعة أناطت به عملا مقدسا فيه سره وومضته الكاشفة ومتى أدّاه ذهب إلى عالمٍ يُقال أنه الفناء وما من فناء هكذا يذوب بلا إذابته في رؤية الحق .

إذن تحددت مهمة الذكر في تلقيح الملكة ، والتي ستـتسبب في موته بسبب ترك عضو التذكير وبعض أحشائه في جسم الملكة الدليل الماديّ لرعايا المملكة على حدوث التلقيح ، فإن خرجت الملكة من رحلة الزفاف ، ولم تجد الوصيفات هذه الإشارة البيولوجية تيقنت من فشل المهمة، وبادرت بالتجهيز لزفاف ملكي جديد .

ربما المهم الحديث عنه هنا حول مراسم الزفاف الملكي . حيث تغادر الملكة الخلية وتحلق فوق مملكتها من جهات عديدة ترسم صلاة الطريق ، كي لا تخطئ العودة بعد الانتهاء من عملية التلقيح .لكانها تشعل شمعة ذهنها لتجد الابتسامة تبرق حيا الاياب ..

ثم تقوم ببث عطرها الملكي الجذاب المثير ، وترسل أنغامها الرنانة المغرية .كعادة كل اناث الكائنات الارضية ..

وتبدأ الطيران ، فتلحق بها الذكور بكل ما ادخرته من طاقاتها خصيصا لهذه الغاية . وكلما أوشك أحدهم على اللحاق بها، زادت الملكة من سرعتها وارتفعت أكثر في الفضاء .

ويتساقط الذكور واحدا تلو الآخر حيث يتدبى بوضوح عجزهم عن اللحاق بها لما تتمتع به من طاقة عاليّة جدا كنتيجة للاحتفاء بها بطرق جدا خاصة كتغذيتها الملوكية مثلا / ومنحها طاقات الخلية برمتها وما الى هنالك من اسرار خفيّة . ولا يبقى معها إلا قلة من الذكور . وهنا تنطلق بأقصى سرعة تستطيعها ، وترتفع لأعلى مسافة يمكنها بلوغها في الفضاء حيث شاغر ما بانتظار حبيب لا تعرفه لكنه اللحظة ستعشقه : الأقوى بنية ، والأجلد على تحمل المشاق واختراق كل هذه المسافات ، لكأنّه رسول الحواس منذور في طفولة العراء .وسيحتاج هذا العشق من 15 - 35 دقيقة بقياس الزمن البشري .

وتعود الملكة غير تائهة في الطريق ، حاملة قبلة الحياة، الاستمرار والدّال تاركة أقوى الأجساد وأكثرهم صحة ينـزف حتى الموت إذ انفصلت أجزاءه وعلقت بها فور الانتهاء من التلقيح . فتبادر الوصيفات إلى صلاتهنّ بتنظيفها مما علق بها ، وتعم الفرحة أرجاء المملكة ، وتبدأ العاملات بتجهيز عيون شمعية جديدة استعدادا لوضع الكائنات الجديدة التي يُقدر عددها بحوالي 200 - 250 ألف بويضة في الموسم الواحد ، وتترك للمواسم المقبلة ما يقارب مليون بويضة قبل أن يخطفها الرحيل ..

أمّا ما يؤكده موريسون في أن ما يحدث ليس بالمصادفة وعلى أي طريق وفي أي وقت ، لذلك لا بد أن يكون في الطبيعة نوع من التوجيه السديد ، ولا بد أن يكون هناك هدف.يفوق تفسيرات الغريزة .

وبذلك : أحد الذكور فقط سيكون جديرا بأبوته لمملكة النحل التي ستظهر خلال سنوات أربع أو خمس قادمة . فلو كان ضعيفا أو طاقاته مهدورة في الأعمال الأخرى أو ذا صفات وراثية ضعيفة مريضة ، لأدى ذلك انقراض المملكة خلال شهورها الأولى ...

أترى أي مونولوج يصير بين تلك الذكور وأي حلم ينتاب عيونهم المركبة فيخلعوا لدورة الحياة نعلهم المقدس ..!؟

وفي طريق النحل الكثير من الومضات لمعنى سر الحياة على هذه الأرض ، لكنني أخشى ما اخشاه فيما نقوم به نحن البشر من عبث الاسترسال الأناني و تدمير البهاء في جمال الكائنات المتصالحة مع ذاتها وادوارها وأهدافها وحيواتها وخلودها فينا ، فنعيث بها وفينا الكثير من الدمدمات ..

..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :