الاْردن ومأزق النزاع السوري والتحالف العربي
هشام الخلايلة
13-02-2016 12:42 PM
المتتبع للأحداث المتسارعة والتحالفات المبنية على المصالح والاهداف المشتركة احيانا وعلى استحياء احيانا اخرى يستطيع أن يرى حجم المأزق الذي تعيشه السياسة الاردنية والتي كانت وما زالت قائمة على التعامل مع جميع الأطراف المتصارعة باتزان وعقلانية قل نظيرها في العالم مراعية بذلك المصالح الاردنية العليا والتحالفات الجيوسياسية المعقدة في منطقة الشرق الأوسط.
وبالرجوع الى التحالفات والتفاهمات الأمنية التي أطرها الاْردن مع الدب الروسي لتأمين حدوده الشمالية تجنبا لمواجهة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني والذين يكنان الكثير من الغضب بسبب قائمة الفصائل الإرهابية في سوريا، نرى أن الاْردن بعقد مثل هذه التفاهمات مع الروس كان سباقا لمنع وقوع أي مواجهة محتملة مع تلك الفصائل وهذه خطوه موفقه تحسب للأردن لا عليه، ومن هنا يظهر لنا جليا التعقيدات الأمنية والسياسية الهائلة التي يتجرعها الاْردن كل يوم، وفي نفس التوقيت يطالب الاْردن بتقديم الدعم الاستخباراتي واللوجستي والمشاركة بقوات محاربة من قبل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية مما يجعل من المستحيل على الساسة الأردنيين إرضاء جميع الفرقاء والذين تتقاطع مصالحهم في سوريا كما في اليمن.
ولعل مرد جميع التعقيدات التي تعيشها المنطقة هو غياب استراتيجية امريكية واضحة للتعامل مع ما يجري، فالادارة الامريكية أما أنها على درجة كبيرة من الغباء وفقدان البوصلة او أنها تعمل بدهاء ومكر قل نظيره وأني أميل الى أنها تعمل بدها وخبث يقوم على ضرب الأعداء بالحلفاء وتجنب الانخراط في أي مواجهات مع الروس مع الإبقاء على هامش من المناورة لإطلاق تصريحات رنانة بين الحين والآخر والتركيز على رفع الاقتصاد الامريكي والغاء مصطلح البعد الاخلاقي فيما يتعلق بالمأساة السورية لان تكاليفها باهظة.
فماذا يفعل الاْردن الذي تعرض للخذلان من حليفه التاريخي والذي ما انفكت إدارته عن توجيه الانتقادات للسياسات الاردنية المرنة رغم غياب الرؤية الامريكية الواضحة لما يتعرض له الاْردن من ضغوطات بسبب اللجوء السوري بما يصاحبه من مشاكل اقتصادية ومديونية تجاوزت 30 مليار دولار وغضب شعبي بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة للجوء.
لقد قامت السياسة الاردنية على المرونة العالية والقدرة على التكيف مع جميع الظروف والاحوال وبالتالي فإن البدائل وإن كانت محدودة فأن على الساسة التحرك بشكل أفقي للتغطية وأيجاد مصادر ومناخات اكثر تفهما للواقع الذي يعيشة الاْردن دون خسارة الحلفاء التقليديين ويجب علينا التعلم من دروس الماضي القريب عندما اتخذ الملك الراحل قراره التاريخي بعدم المشاركة في تدمير العراق فكانت النتيجة حصاراً بحرياً وجوياً وقطعاً للمعونات مما عرض الاقتصاد الأردني الى هزه كبيرة استطاع الملك الحسين أن يحولها الى طفرة أقتصادية بسبب حنكته وصبره وقدرته على اقناع الآخرين بمواقفه المشرفة..
ما نحتاجه الان بالذات، ساسة لهم القدرة على التحاور مع الدول المحورية لعرض وجهة النظر الاردنية حتى يتسنى للأردن الخروج من هذا المأزق.
* خبير فُض نزاعات مقيم في أستراليا