ســـقـــوط أخـــلاقــــيياسر زعاتره
13-02-2016 02:13 AM
دريد لحام، بطل “ضيعة تشرين”، و”غربة”، و”كاسك يا وطن”، مع أنني شخصيا لم أكن أراه شيئا دون النصوص الإبداعية لمحمد الماغوط.. دريد لحام يتغزل بالولي الفقيه خامنئي، وذلك في احتفال لتكريم قتلى المليشيات الشيعية في سوريا. كذلك يفعل المخرج الشهير نجدت أنزور. بطبيعة الحال لم يقل لنا دريد لحام ونجدت أنزور، لماذا لم تقاتل بجانب سيدهم الحبيب بشار، سوى مليشيات شيعية جرى جلبها بحشد طائفي معروف، فإذا كان صاحبهما هو سيد البعث، وسيد المقاومة، فلماذا لا نرى يساريين وقوميين يموتون من أجل نظامه، ولماذا ينحصر الأمر في من يجلبهم قاسم سليماني من أصقاع الأرض بحشد مذهبي نعرفه ويعرفونه جميعا؟! دريد لحام توجَّه إلى “وليه الفقيه”، وولي سيده بشار أيضا بالخطاب قائلا: “في روحك القداسة،في عينيك الأمل،في يديك العمل ،وفيك كلامك الأمر يُلبى”، مضيفا “ازدادت قدسية ترابنا حين ارتقى بعض من رجالاتك إلى عليائهم”. هم رجالاته إذن، جاؤوا بأمره بوصفه “ولي أمر المسلمين”، كما في تعبير حسن نصر الله الشهير. جاؤوا من أجل مشروعه، وليس من أجل شيء آخر؟! أما نجدت أنزور، فوجَّه الكلام لأحد جنود الولي الفقيه، وهو حسن نصر الله قائلا: “من كلماتك نستمد الأمل،ومن عزمك نستمد القوة، يامن يقف في صفوف المناضلين بوجه الاستكبار، أبناؤك وإخوتك أتوا إلينا،هم الآن السادة، سطّروا مع الجيش السوري أروع الملاحم،وعزفوا بثباتهم نشيد النصر،إنهم رجال الله، شكرا يانصرالله”. هم رجال الله إذن، كأن الله عز وجل أمرهم أن يقفوا بجانب طاغية فاسد، أو أن الحسين الشهيد يرضى لو كان له رأي أن يرفع أحدهم رايته، وهو يقاتل في جيش يزيد!! فليترك هؤلاء معزوفة تنظيم الدولة أو “داعش” كما يسمونها، وقصة قطع الرؤوس، فسادة الثقافة والفن والحرية، كانوا مع الطاغية حين كان يقتل الناس في الشوارع لستة شهور دون رصاصة واحدة، وقبل أن تكون هناك تنظيمات مسلحة من أي لون. وقفوا معه حين عذب الطفل حمزة الخطيب وشوّه جثته واقتلع أعضاءه، ووقفوا معه حين انتزع حنجرة المنشد إبراهيم قاشوش، وحين قتل الآلاف من العزل في الشوارع، وبالتالي فإن تصوير الأمر كما لو كان اختيارا بين تنظيم الدولة وبين بشار أمر مثير للسخرية، مع أن تنظيم الدولة لم يقتل الناس بالبراميل ولم يقتل عشرات الآلاف بالبراميل المتفجرة، وأضعافهم بأدوات أخرى. إنه السقوط الأخلاقي ولا شيء آخر، فقضية سوريا هي قضية أخلاق قبل أي شيء، ونحن حين وقفنا مع شعبها، لم نحسب من سينتصر، ومن سيُهزم، فتلك حسابات التجار والانتهازيين، أم حسابات الشرفاء، فعنوانها من المظلوم ومن الظالم، ومن هو الضحية ومن هو القاتل؛أيا تكن النتيجة. دريد لحام ونجدت أنزور ومن كانوا في ذات الاحتفال، هم مجرد نماذج ممن أسقطتهم ثورة سوريا، وأسقطت شعاراتهم، وعرّتهم أمام الغالبية الساحقة من الأمة، وإذا وجدوا من يساندهم لاعتبارات طائفية وحزبية، فليس ذلك سوى دليل آخر على السقوط. هم وسيدهم خامنئي ونصر الله سيذهبون إلى مزابل التاريخ، إلى جانب أسوأ القتلة، أما حساب الله الذي يستخدمون اسمه حين يروق لهم ذلك، فشيء آخر، لأنه الحكم العدل، فهنا في الدنيا لن ينالوا جزاء ما يستحقون على جرائمهم مهما كان مصيرهم، لأن ما اقترفوه من جرائم يظل أكبر من أي عقوبة دنيوية مهما كانت قاسية. |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة