لا أؤمن كثيرا بما يسمى «البرمجة اللغوية العصبية» ولكن ثمة قضايا في هذا «العلم» ما يسترعي الانتباه، والاستعانة بها كمفاتيح، أو مداخل، لعلاج وفهم بعض ما يعاني منه إنسان هذا العصر، من قلق وأرق وفوضى، قد ترقى أحيانا إلى مستوى الكآبة، كمرض عضال ربما يفضي بالمرء إلى اقتراف حماقات قد تتطور إلى حد الانتحار!
ما استوقفني كثيرا، في سياق هذا العلم، «قانون الجذب الفكري» كما يسمى، وهو ليس قانونا بالمعنى العلمي، ولكنه أقرب إلى النظرية الروحية، التي يستعان بها لتحسين مستوى الحياة، وتجميلها ربما، وقد يكون عونا على مزيد من الفهم للنفس البشرية، ينص قانون الجذب الفكري، على أن (الشبيه يجذب إليه شبيهه)، وأن (كلَّ شيءٍ يحدث في حياتك فأنت من قمت بجذبه إلى حياتك، وقد انجذب إليك عن طريق الصور التي احتفظت بها في عقلك، أي ما تفكر فيه، فأياً كان الشيءُ الذي يدور بعقلك فإنك تجذبه إليك).
ووفق موسوعة «الويكي» على أن مجريات حياتنا اليومية أو ما توصلنا إليه إلى الآن هو ناتج لأفكارنا في الماضي وأن أفكارنا الحالية هي التي تصنع مستقبلنا، بالأحرى يقول القانون أن قوة أفكار المرء لها خاصية جذب كبيرة جدا فكلما فكرت في أشياء أو مواقف سلبية اجتذبتها إليك وكلما فكرت أو حلمت أو تمنيت وتخيلت كل شيء جميل وجيد ورائع تريد أن تصبح عليه أو تقتنيه في حياتك فإن قوة هذا الأفكار الصادرة من العقل البشري تجتذب إليها كل ما يتمناه المرء، فمثلا، قد يتمنى المرء لقاء شخص ما يشبهه، ثم يعمل على استحضاره على نحو أو آخر، مع بذل جهد ذهني وعملي أيضا لتحقيق ما يتمناه، وفي النهاية، يحصل اللقاء، وبصورة أوضح، لتطبيق هذا القانون يُطلب من الشخص ثلاثة أشياء :أولا الطلب ماذا تريد اجلس واكتب ماذا تريد على قطعة من الورق، ثانيا: الإيمان المطلق بالله وأن هذا الشيء سوف يحدث أو أنه سيقتني ما يريد. ويجب أن تؤمن من اللحظة التي طلبت فيها ان طلبك سوف يتحقق، في النهاية يقول كل من جربوا هذا القانون أنه بعد تنفيذ الخطوتين السابقتين ستأتي الخطوة الثالثة وهي الاستجابة ولتحقيق الأمنية يجب أن تشعر كما لو انك تحصل على ما تريد!
حسب الموسوعة إياها، قانون الجذب الفكري ليس جديدا وليس من معطيات القرن الواحد والعشرين ولكنه قانون قديم قدم الحضارة نفسها، إذ أن المصريين القدماء اعتقدوا بوجود هذا القانون واستعملوه في حياتهم اليومية وتبعهم اليونانيون القدماء عامة ونسي العالم شأن هذا القانون لفترة طويلة حتى أواسط القرن العشرين حين بدأ علم البرمجة اللغوية العصبية يشق طريقه إلى العالم، ويصبح علما معترفا به، حيث بدأ علماء هذا العلم بإحياء هذا القانون من جديد وهم يصرون على أن جميع من أنجزوا شيئا مهما في حياتهم أو بلغوا مستويات عالية من النجاح في الحياة قد طبقوا هذا القانون في حياتهم بشكل أو بآخر. وثمة عدة كتب شاع صيتها تتحدث عنه وتشرح كيفية تطبيقه بأسلوب أمثل مثل: السر، وهو أشهرها، من تأليف منتجة الأفلام الأسترالية (روندا بايرن) الذي بيعت منه ملايين النسخ، وصنفت مؤلفته كواحدة من قائمة المائة الأكثر تأثيرا في العالم، وكتاب « قوة عقلك الباطن». و»كتيب في قانون الجذب» وهناك 300 مؤلف باللغة الإنجليزية للكاتبة الأسترالية «إيستر هيكس» تتحدث فيه عن هذا الموضوع فقط، من جوانب متعددة. وفي العالم العربي يبرز اسم أستاذ التنمية اليشرية الكويتي «صلاح الراشد» في هذا الموضوع أيضاً عبر إصداراته الصوتية والمرئية والمقروؤة وكتبه، وأهمها كتاب «قانون الجذب».
تصدى لقانون الجذب هذا عدد من الكتاب المسلمين، وعدوه ضربا من الخرافة، ومن أهم هؤلاء مؤلف كتاب: خرافة السر (قراءة تحليلية لكتاب «السر» و»قانون الجذب») لمؤلفه عبد الله صالح العجيري، وبصراحة استنتجت من استعراض سريع بعض ما كُتب حول هذا الموضوع، فوجدت أنه حمل الأمر أحيانا أكثر مما يُحتمل، كما هو شأن من بالغ في تقديس هذا القانون، ويمكن للمرء أن يتعامل مع الأمر برمته، وفق نظر وسطي، بلا إفراط ولا تفريط، ولعل لنا عودة لهذا الموضوع المثير!
الدستور