مؤتمر لندن والقيم الاردنيه في حديث الملك
د. عدنان سعد الزعبي
11-02-2016 04:51 PM
جهد الحكومة الذي يقوده الرئيس في بيان الاثر الايجابي لمؤتمر لندن ومحاولة غرس الارتياح والتفاؤل لدى المواطن الاردني وتبديد كل الاشاعات والانطباعات السلبية , انما جهد لا نستطيع انكاره وبنفس الوقت لا نستطيع رفع سقف التفاؤل كثيرا , فالحكومة تعلم تماما ان الاردنيون يصلون دائما على النبي حضر الصبي ام لم يحضر ! ولكن خطوة توعوية ممتازه ان تتابع وتوضح بعض الغموض الذي صاحب جلسات المؤتمر من الناحية الماديه , فالناس كانت شغوفة لان تسمع كم الدولارات التي سيحصل عليها الاردن كمنح وليس قروض , ليس كمكافئة بل ليتمكين الاردن من اتمام هذا الجهد والمسؤولية الكبرى نيابة عن المجتمع الدولي . لكن ما رفع رؤوس الناس وحقنهم بالنشوة والانتعاش والفخر والتي انتشر مفعولها بين الاوساط العالمية باسرها , هي تلك المفاهيم والقيم التي تضمنتها رسائل اطلقها الملك وكلل جهده بها وخاصة ما يتعلق بكرم الاردن وسخاءه كمصطلحات جديده يجب على العالم ادراكها والوعي بها بدل العطاء والاستجداء الذي ذهب العديد من ضعفاء النفوس باصباغها على الطلب الاردني للمسانده . فالمسانده لا تعني فقط مجرد حفنة دولارات يمكن ان تخلق لنا مشروع هنا ومشروعا هناك رغم باننا بامس الحاجة لها بل تعاون تشاركي وخطط مستديمه تتحدث عن مجتمع ودوله وتنظر للحاضر والمستقبل وليس مجرد لجوء بمفهومه المحدود .
لقد اطلق الملك قيمة اخلاقيه وفكرية لمفهوم الدعم واعتبر ان رسالة الصواب والمتعلقة بذلك تكمن في الموقف السخي والنموذج المنفرد الذي مثله الاردن في مثل هذه التحديات الانسانية والدولية . على اعتبار ان الدعم المالي المطلوب من الدول الغنية ليس هو كل القضية بمقدار ما هو الاستعداد والعمل التشاركي في مواجهة الازمات الانسانية بشكل دائم ومستمر وممنهج والتي تحمل الاردن عبر هذه العقود الطويله النصيب الاكبر منها فالعطاء الذي قدمه للاردن للاجئين على مختلف اجناسهم ونيابة عن المجتمع العالمي باسره . زاد اضعاف اضعاف قدراته, لكنه لم يتوانا في الاستمرار بهذا الدور الانساني الذي تحمل الشعب الاردني تبعاته واثاره لمختلفة . فعندما يطرح الملك تساؤلا حول واقع الحال بعدم استقبال الاردن لاي سوري او لاي عراقي اوليبي او مصري اوفلسيطني , فكيف سيؤول الوضع وكيف سنصف لحال؟
فاذا نظرت اروبا لتركيا وقدرت معاناتها تجاه اللاجئين وهي الدولة الغنية الشاسعة ! فاين الاشقاء ليعاملوا الاردن على الاقل بالمثل .
رسالة الاردن القوية وعلى لسان الملك كانت ان الاردن لا ينظر للقضية السوريين كقضية لجوء وحده وما يحمله من اعباء ماليه اقتصادية , بل ما لا يعرفه الاخوة العرب قبل الاجانب ان القضية معنية بدولة الاردن وشعبها الذي استنفذ كل ما في جعبته في سبيل ايواء الاشقاء وتأمينهم من الخوف والجوع . فعندما تكون مواردك قليليله وغير كافية للشعب وامكانياتك لا تستطيع تلبية حاجياتك وبنفس الوقت لا تتوانا في تقاسمها ومشاركة اخوانك بها فان مفهوم الثمن والقيمة الماديه يصبح بلا معنى وهذه حقيقية السخاء الاردني , فالفقر والغناء ليس بحجم ما تملك من الدولارات بمقدار ما هي الاستجابة والتوظيف الحقيقي لما تملك خدمة للشعب والانسانية .
ضاقت اروبا ضرعا بمليون لاجيء وثار المجتمع خوفا على مستقبله, فكيف ينظر االمجتمعون في لندن والمتابعون للصورة الاردنية وحدها التي تستقبل ضعف ما تستقبله اروبا مجتمعة . ؟ اولم يبحثوا عن سر القدرة التحمليه الكبرى التي يتصف بها الاردن وهو دولة شحيحة الموارد !؟, اولم يعي الاشقاء والاصدقاء حجم القلق الذي يظهر في عيون الاردنيين والإنهاك الذي بدأوا يحسونه بلا هواده !؟ والتي وصلت لحدود التحمل القصوى.
ان الكرامة الاردنية ونهجه الثابت في تحقيق الأمن العالمي و معركتنا ضد الإرهاب وتمسكنا بمبادئ السلام والاعتدال هي أمور ثابتة لا تتزعزع, وهذا ما اكده الرئيس الامريكي السابق بل كلنتون
عندما طالب بالاتصار للاردن على هذا النخج السليم والآن جاء الوقت المناسب والحاسم لكي يتخذ العالم موقفا جادا ومنصفاً تجاه الأردن، ليساعدوه للاستمرار بتقديم ما هو صحيح بل تقديم الامل لشعوب المنطقة ..
ان الخطاب الاردني للمجتمع الغربي تجاوز شعار “دعم سوريا والمنطقة”،. ليصبح اختبارا لعزيمة المجتمع الدولي وقدرته على القيام بالعمل الصحيح.ان النظرة الاردنيه للأساليب التقليدية لمعالجة الأزمات ما عادت، وبكل وضوح، ناجعة في مواجهة التحديات الخطيرة التي نواجهها.
فنحن بامس الحاجة لنهج جديد يستجيب لأزمة طال أمدها، ووضع حلول مستدامة. ذات نهج شمولي يجمعنا كشركاء: دولا وأقاليم وقطاعا خاصا ومؤسسات مالية دولية لبناء نموذج عمل فعال ومستدام يرتكز على الاستثمار وتحفيز النمو، وليس الاتكاء فقط على المساعدات والإغاثةوتمكين اللاجئين من الاعتماد على الذات، بدلا من الاتكال على المساعدات..