بانتظار الرئيس الذي لا يأتي !
محمد كعوش
11-02-2016 02:10 AM
حضر النواب اللبنانيون الى البرلمان في ساحة النجمة ببيروت ، ولم يحضر المرشحان، لأن النصاب لم يكتمل هذه المرة ، كما هي العادة ، منذ اقفال ابواب القصر الجمهوري في بعبدا قبل ما يقارب العامين، رغم التغيير في التحالفات ، أو انقلاب الحليف على الحليف.
المرشحان المتنافسان حتى الآن ( الجنرال عون وسليمان فرنجية) قادمان من تحالف واحد هو ( 8 آذار )، ولكن المستغرب هو انقسام اقطاب التحالف المضاد ( 14 آذار ) بين المرشحين الخصمين لهذا التيار. فالحريري وتياره يؤيدون فرنجية، اما حليفه سمير جعجع فقد أعلن انحيازه لميشيل عون، في مبادرة غير متوقعة من قائد القوات اللبنانية ، الذي خاض حربا شرسة ضد الجنرال ، عندما كان عون قائدا للجيش اللبناني.
يبدو أن الماضي حضر الى الملعب لتخريب الحاضر وترك الابواب مفتوحة امام المستقبل المجهول ، لأن الثابت أن حل مشكلة الرئيس اللبناني المنتظر مرتبط بقضايا اقليمية تنتظر الحسم.
والمدهش في هذه اللعبة ان الثلاثي الذي يدير فصول المشهد الرئاسي الآن، عون وفرنجية وجعجع ، تعود جذوره الى تاريخ صعب ومعقد، لا يمكن فك اسراره بسهولة.
تفاصيل المشهد المتشابك تفيد ان المعقول هو استحالة التقاء عون وخصمه جعجع بسبب الاشتباك القديم، والمفترض الحتمي أن يكون فرنجية ضد جعجع بسبب مذبحة اهدن الذي ارتكبها جعجع ضد طوني فرنجية وعائلته ، كما أن عون وجعجع اشتغلا ضد ترشيح سليمان فرنجية الجد لرئاسة الجمهورية في العام 1988، عندما عرقلا عقد جلسة مجلس النواب لانتخاب الرئيس فرنجية، وتم بعدها تشكيل حكومة عسكرية برئاسة الجنرال عون، الذي اضطر في وقت لاحق الى مغادرة لبنان والعيش في منفاه بباريس.
لذلك من المؤكد أن لا يتحقق النصاب في جلسة مجلس النواب يوم الثاني من آذار المقبل. فالجميع، في لبنان، يعرف أن الجلسة ستكون مكررة، وأن الرئيس المنتظر لن يحضر، الى أن يتبلور شكل الحل في سوريا، لأن الازمة السورية تلقي بظلالها على الساحة اللبنانية الداخلية بكل تفاصيلها، خصوصا أن دعوة النأي بالنفس عن الاحداث في سوريا لم تنجح في لبنان.
واذا كان على اللبنانيين انتظار الحل من دمشق ، فهذا يعني أن عليهم الانتظار بعض الوقت، لأن الولايات المتحدة ، ومن حالفها من الدول الاقليمية ، تسعى الى عرقلة الحل السياسي للمسالة السورية ، واطالة امد القتال، بهدف استنزاف روسيا اقتصاديا. ولكن موسكو تدرك هذه المكيدة المدبرة، لذلك تستعجل الحسم العسكري الميداني من اجل حرق المراحل وفرض الحل ، بالتزامن مع استمرار الجهود السياسية.
ولتحقيق الحل السريع، لجأ الجيش السوري الى تطبيق النظرية العسكرية الروسية في الحرب البرية المعروفة بخطة ( المحدلة )، ونعرفها باسم ( المدحلة )، أي التقدم الى الامام الى نهاية الطريق في الارض المحروقة. وهذا يعني ان جنازير الدبابات السورية والطائرات الروسية ستفرض شكل الحل السياسي، والذي يبدأ بحكومة مشتركة انتقالية، ثم تعديل الدستور وتحديد ولاية الرئيس بفترتين، على الطريقة الجزائرية.
والى أن يحين ذلك الوقت ، او قبله بقليل ، اذا حدثت معجزة مرتبطة بتضحيات تتعلق بطموحات ذاتية لشخصيات سياسية لبنانية، يمكن العودة لحديث جاد حول انتخاب رئيس جديد في لبنان، واعتقد انها ستكون مبادرة غير مسبوقة.
الرأي