الاردن امام خيارات "سيئة" .. !
حسين الرواشدة
11-02-2016 02:08 AM
لا اعتقد ان الاردن(السياسي الاردني: ادق) وجد نفسه منذ عام 67 - حيث اضطر للمشاركة في الحرب آنذاك - امام خيارات سيئة كما يجد نفسه اليوم.
لا اريد ان اسأل: لماذا؟ فالجواب يحتاج الى رواية طويلة حان وقت سردها بأمانة ونزاهة، لكن مجالها ليس هنا ، وانما يمكن ان اسأل: اين وصلنا، وما هي الخيارات السيئة التي نواجهها، ثم كيف نتعامل معها؟
الآن مطلوب من الاردن ان يختار، اما ان ينحاز الى المعسكر السعودي ويفتح حدوده لمرور الجنود لمباشرة الحرب البرية ضد داعش ،وفعلا ضد النظام السوري وحلفاءه، واما ان يعتذر عن هذا الخيار ويستعد لدفع تكلفة الموقف ، حيث ان عصر”الحياد” كما يروج كتاب مقربون من صناع القرار في الرياض انتهى، ودخل علينا عصر جديد كنا ظننا اننا ودعناه وهو : “من ليس معنا فهو ضدنا”.
اذا اعتذر الاردن عن هذا الخيار فأمامه خيار الانحياز للتحالف الآخر الذي تتزعمه روسيا ويضم ايران والنظام السوري وحزب الله ، وباستثناء العلاقة الدافئة التي تربط عمان بموسكو فان علاقة الاردن مع الاعضاء الاخرين تتراوح بين البرودة( ايران مثلا) والفطيعة ( النظام السوري وحزب الله) مما يجعل الرهان على هذا الخيار في المستقبل محفوفا بالمخاطر، ليس فقط على صعيد ما يعنيه بالنسبة لنا بقاء النظام السوري وانتصاره، وانما ايضا على صعيد خطر التمدد الايراني في الجارة التي نشترك معها في الحدود (وفي العراق ايضا) علينا، ثم على صعيد افتراض قائم وهو فشل روسيا في الحفاظ على سوريا موحدة وبالتالي تحولها الى افغانستان اخرى، وما يشكله هذا السيناريو ان حصل من خطر على امننا واستقرارنا.
ثمة خيار ثالث وهو ان يسعى الاردن للحفاظ على الحياد الايجابي اوحتى الحياد المتنقل والمتحول، بحيث يضمن اقامة علاقات متوازنة وابقاء الخطوط مفتوحة مع كافة الاطراف، كما فعل نسبيا في السنوات الخمسة المنصرفة، ومع ان هذا الخيار اصبح على ما يبدو من الماضي الا ان اخطر ما فيه هو ان تأتي النتائج عكس التوقعات، وعندها سيجد الاردن نفسه معزولا ومحاصرا، وسيفقد بالتالي قدرته على المناورة ودوره، كما انه سيخسر علاقاته مع كافة الاطراف المنغمسه في الصراع على سوريا ، وعلى المنطقة ايضا.
يبقى خيار رابع وهو قبول الاردن الدخول في التحالف السعودي ومن ثم المشاركة في الحرب البرية (ان اصبحت امرا واقعا) بشكل او بأخر، ولهذا الخيار بالطبع ثمن قادح، خاصة اذا ما تصورنا “ميدان الحرب” والمتصارعين فيه، وجدوى المغامرة في معركة “معوّمة “ الاهداف، وما سيترتب علينا ان ندفعه لاحقا اذا انتصر الحلف الآخر، او اذا فشلت الحرب البرية في تحقيق اهدافها.
اذا قلنا -اذن- : هذه ليست حربنا سيقال لنا من اقرب حلفائنا العرب: تخليتم عنا ، فلا تنتظروا منا ان نقف الى جانبكم ، واذا قلنا : هذه حربنا ويجب ان نخوضها حتى لو كنا غير مقتنعين بها (تماما كما حصل في 67) فان مجرد التفكير بامكانية فشل الحرب سيجعلنا نعدّ للالف قبل ان نخطو مثل هذه الخطوة، وهنا يبقى امامنا حين نختار بين السيء والاسوأ خيار واحد وهو ان نحافظ على حياد ايجابي مبدع ( السياسة الذكية يمكن ان تنجزه حتى لو كان صعبا) لاننا حينئذ - مهما كانت خسائرنا سنربح انفسنا ، وسنتمكن ،مهما كانت النتائج، من استعادة الحد الادنى من العلاقات والمصالح مع اي طرف من الاطراف، تماما كما حدث حين اعتذرنا عن المشاركة في حرب الخليج الاولى.
لا تتوقف الخيارات السيئة فقط عند مسالة المشاركة في حرب برية متوقعة او الاعتذار عنها، وانما ثمة خيارات سيئة اخرى، خذ مثلا خيار التعامل مع “اللجوء”، هنا يمكن ل”بروفة “ حلب ان تتكرر في درعا، وبالتالي سنجد انفسنا امام ورطة جديدة، وخذ ثانيا خيار التعامل مع الارهاب وتنظيماته، خاصة اذا انقلب المشهد في سوريا في حال اندلاع الحرب البرية وعدم قدرتنا على التفاهم مع اللاعبين هناك وانفراط عقد التنظيمات المسلحة، وخذ رابعا خياراتنا المتعلقة بالداخل ، وما نعانية من انسدادات سياسية وازمة اقتصادية مرشحة للتصاعد ومن جنوج نحو التطرف، كيف يمكن ان نتعامل معها في زمن تفرض علينا فيه الحرب اولويات اخرى لا طاقة لنا بها.
قلت في وقت مضى: اننا بحاجة الى رؤية جديدة تساعدنا على تجاوز هذه الظروف الصعبة، ولكي تجد هذه الرؤية مسارها الصحيح لا بد ان تستند الى توافقات عامة يشارك بها الجميع، وان تنبثق من خلال افكار تضعها لجنة وطنية مستقلة، تحدد على اساسها خياراتنا للمرحلة القادمة وتصبح برنامجا للعمل الوطني ، بحيث نخرج - الدولة والمجتمع - موحدين، ونتمكن من الدفاع عن حدودنا ووجودنا ايضا.
الدستور