كان من امر مكيس انه اصطاد صقرا قام بتدريبه على صيد الطيور والحيوانات البرية . عندما اكتمل التدريب قام باطلاقه خلف سرب من طيور الحباري ليصطادها ولكن الصقر ترك الحباري واستدار نحو دجاجات القبيلة العاجزة عن الطيران او الدفاع عن نفسها .. ومنذ ذلك الحين اطلق المثل الشعبي ( مثل صقر مكيس .. يرسله ورا الحباري يرجع على جاجات العرب ) اسوق هذا المثل بعد ان قرأت في الاخبار ان مجموعة مسلحة من الملثمين اقتحمت دار الجمعية الثقافية لحماية التراث الفلسطيني في بيت لاهيا بقطاع غزه ..

كسرت الابواب وحطمت كافة الالات الموسيقية واتلفت كتابا يوثق التراث الفلسطيني صادر عن جمعية انعاش الاسرة برام الله ، اقدم الجمعيات الفلسطينية في الضفة ( تحت الاحتلال ). جاء هذا بعد جمع كتاب الحكايا الفلسطينية ( قول يا طير ) من المدارس دون علم وزير التربية . ولولا صرخات الاحتجاج في العالم العربي .. لما اعيد الكتاب الى ايدي الطلبة الذين احوج ما يكونوا للارتباط بتراثهم وهم يتعرضون لتيارات الحياة المتضاربة . تدفق اعلامي بثقافة شبهة متعهرة . وتزمت ديني يعتبر اوصاف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، للفعل الجنسي ( في قضية المغيرة بن شعبة ) كلاما يخدش الحياء ولا يجوز قراءته من جديد . ولعل من يقف خلف المسلحين الملثمين ، يريد شطب التراث الشعبي ، من ذاكرة الوطن كما هو حال شطب الاحاديث النبوية والايات القرانية ( التي تحدد علاقة الاسلام باليهود ) من جميع المناهج المدرسية العربية . لم اجد مقارنة اخرى بين هذا وذاك ...
المسلح الملثم اياه لا يعرف دور جمعية انعاش الاسرة في السنين التالية لاحتلال الضفة الغربية ، لا يعرف انها كانت من اسس تثبيت الهوية العربية الفلسطنية وركيزة من ركائز الصمود في وجه الاحتلال . ولعله لا يستطيع مناقشة الاوامر الصادرة له لتخريب هوية وطنه .. فهو مشحون بالغضب المدجج بأوامر تنظيم ، ترك مقارعة الاحتلال واستدار الى ادوات بيته يخرب فيها ، لم نرصد مثل هذه الافعال على الارض الفلسطينية (تحت الاحتلال ) قبل تشكيل حركة حماس للحكومة . حتى مؤسسها الشيخ احمد ياسين ، كان يطعّم احاديثه بكلام من التراث . وكلنا نذكر حديثه عن قوته الجنسية وهو خارج من السجن بعد محاولة اغتيال خالد مشعل في عمان .
تخطئ حركة حماس اذا حاولت تدمير التراث الفلسطيني بقوة الحكومة التي شكلتها . وتخطئ اذا تركت للمتزمتين الجهلة ان ينفذوا القوانين الخاصة بهم . الحركة ومسلحيها الملثمين لم يستبينوا التراث العربي في ايات القران الكريم . فالخالق عز وجل انزل الذكر الحكيم بمفردات ليست غريبة على مجتمعها ( هدف الرسالة النبوية ) والذين حملوا لواء الدعوة بعد وفاة النبي ( صلعم ) لم يهملوا التراث والثقافة الشعبية التي تراكمت في ذاكرة مجتمعهم عبر العصور ، الاغاني ، الحداء ، الاشعار ، الامثال ، العادات والتقاليد ،
استغرب النبي ( صلعم ) زفاف جارية بصمت وقال . الم ترسلوا معها من يحدوا او يغني .. اتيناكم اتيناكم .. نناديكم ولولا الحبة السمرا ما حللنا بواديكم .. استمع عمر بن الخطاب لقصيدة متمم ابن نويرة برثاء اخيه مالك ( قتله خالد بن الوليد ) فتمنى عمر لو كان هذا الرثاء بشقيقه ابن الخطاب ... استمال مالك ابن انس احد مغني المدينة ( ابن سريج ) ناحية وقال له اسمعني صوتا ... الامثلة في هذا السياق كثيرة جدا .. ويبقى السؤال .. الى متى يصطاد صقر مكيس من جاجات العرب فيما الحباري تسرح وتمرح ؟؟؟؟