ابتسم فالعالم لن يتغير بحزنك
د.أسمهان ماجد الطاهر
10-02-2016 03:47 AM
قد يتكلم النفاق بلهجة تحاذي الصدق، وقد يتلون بلون الواقع حتى يكاد المرء يتيه به. يتحدث بعض البشر بثقة عن الطيبة، وهم يمارسون النفاق بمنتهى الاقتدار. يتكلم بعضهم ويصرخ بأعلى صوته وهو كاذب. أليس كل ذلك حقاً غريباً عن الفطرة الانسانية السليمة!
حين يتحول التنافس الى تناحر، والطيبة تفسر على انها سذاجة، والغلبة للاقوى، ويسود مبدأ ان لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب. في ذلك الواقع ستكون الارواح محبطة، والتشاؤم سيد الموقف.
ألسنا بحاجة الى وقفة للتأمل في ذلك!
إن اهم اسس بناء وحضارة المجتمعات هو الاخلاق. أن تحب لاخيك ما تحب لنفسك ليس صعباً ولا معجزة، والدين ليس زياً أو ثوباً يرتدى، فما فائدة الالتزام بالمظهر مع خواء الجوهر، اليس هذا احدى وجوه النفاق.
في زمن التطور والحضارة الحديثة، في زمن التسابق نحو الوصول وتحقيق المكاسب والمناصب، ماذا يحدث وهل القيم والمعتقدات السليمة ما زالت سيدة الموقف!
لما أصبح للصدقة حكاية تروى وبات لتقديم الخير طقوس دعائية قوية لاستعراض الاعمال الخيرية رغم أن استعراض الاعمال الخيرية للفاسدين، محض نفاق وهي أقرب ما تكون لوضع الخبز المسموم على موائد الفقراء. لسنا ضد إظهار الصدقة فذلك قد يكون من نِعم ما تفعلون لتكونوا قدوة لغيركم ولتردوا الضغن عن المجتمع، لكن المبالغة في الاظهار والإشهار هو وجه آخر للنفاق، ليت أن الغلبة تكون لمفهوم أنفق الصدقات دون أن تعرف شمالك ما أنفقت يمينك، فإذا اردت أن يلين قلبك فاطعم المساكين بصمت.
أما الغيبة والنميمة فأصبحت طبعاً ملازماً للبعض، والغيبة هي ذكر الانسان في غيبته بما يكره، أما النميمة فيقصد بها نقل الكلام بين طرفين، وهي من الموبقات الكلامية، والاقبح أن يتم ذلك من أجل تحقيق المكاسب والتقرب والرياء، وأثارة الفتنة. كل تلك الموبقات الكلامية تحجب عن التقرب من الله، فمن العبادة ضبط اللسان وذلك يحتاج الى خلق وإرادة قوية. ومن اجمل ما قيل في ذلك يوجد بين العقل واللسان علاقة عكسية فكلما كان العقل صغيرا اصبح اللسان طويلاً. في الحقيقة أن لحظة صدق حقيقية تدوم أطول من عمر من الأكاذيب المزخرفة.
والكلمات القاسية تملك رؤوسا مدببة لجرح الروح، فاحذر النطق بها.
عندما نتحدث عن الرقي فنحن نتحدث عن القيم والاخلاق وحسن وطيب التعامل, وذلك يتضاد مع رفع الصوت فكلما ارتفع الصوت تعثرت الحقيقة في الافق.
لا تنسى أبداً أن صوت الحق هادئ صادق وواثق. بادر للتسامح واجعل روحك نقية صافية، استمتع بما تملك ولا تقلق بشأن ما لا تملك، أعرف ما تريد ولا تكن متردداً، واصغ لجمال الكون، فنحن نعيش لنكتشف الجمال وكل ما عدا ذلك محض ضياع. وأخيراً، ابتسم فالعالم لن يتغير بحزنك، والمحبة هي الزهرة الوحيدة التي لا تموت إذا سقيت بطيب التعامل ورقي الخلق.
الرأي