قاعدة معلومات دوليَّة لمجابهة الجماعات المتطرِّفة
السفير الدكتور موفق العجلوني
08-02-2016 05:54 PM
في ضوء ما تتعرض له منطقة الشرق الاوسط وخاصة الدول العربية من مد وجزر وتجاذبات هنا وهناك، وفي ضوء عدم وضوح الرؤية للاعبين الكبار باستثناء تجار السلاح واصحاب الاجندة السوداء وعملاء المصالح الكبري والمدسوسين هنا وهناك، واصحاب الاجنده الخاصة والمصالح الخاصة، وفي ضوء السياسات المرسومة من جماعات الضغظ الدولي... وفي ضوء الاحباط الكبير لدي المجتمعات العربية من الاخ والصديق والحليف وغير الحليف وذوي القربي والجار الجنب والصاحب بالجنب...
وفي ضوء غياب الثقة والشفافية وفقدان الثقة بين ابناء المجتمع الدولي، وازدياد الفكر المتطرف والاعمال الارهابية، واختلاق ما يسمى بالمعارضة والمولاة والحرب الطائفية والفوضى الخلاقة. اصبح المواطن العربي يعيش حالة من الضياع والتشتت والخوف من المستقبل " انتظار جودوت (Waiting for Godot). وبخاصة في ضوء تعريف دولي لللارهاب وعدم وجود قاعدة بيانات واضحة وخارطة طريق وبوصلة واحدة تنيرالطريق لكافة اطراف الصراع في المنطقة للوقوف يدا واحدة وقلبا واحداً لمواجهة الارهاب.
في ضوء هذا الواقع المريع والمقلق وعدم وضوح الرؤيا, والارهاصات التي يعيشها العالم من كوابيس الارهاب والتطرف والفكر الارهابي، جذب انتباهي ما دعا اليه أثناء زيارته للدول الاوروبية والاسكندنافية مدير عام مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية الدكتور جمال سند السويدي إلى ضرورة دراسة إنشاء قاعدة معلومات دولية يشارك في بنائها المجتمع الدولي، تشتمل هذه القاعدة المعلوماتية على كل ما يتعلق بالجماعات المتطرِّفة والجماعات الارهابية والفكر الذي تحمله واماكن تواجدها والجهات المنظمة لها والتي تتعامل معها وتقوم بتمويلها وتدريبها وتقديم الدراسات والخطط الاستراتيجية لها.
و بالتالي من خلال هذه القاعدة المعلوماتية للجماعات الارهابية والمتطرفين يمكن تتبع تحركاتهم واتصالتهم والحيلولة دون قيامهم بأعمال ارهابية وقتل الابرياء كما يحدث الان في كثير من دول العالم، ويمكن التوصل الى تجفيف مصادر ومنابع تمويلهم.
و لكي تكون قاعدة البيانات المعلوماتية فاعلة، لا بد ان يكون هنالك تعاون وتنسيق كامل من قبل المجتمع الدولي حتى يكون قادر على مواجهة خطر الجماعات المتطرِّفة، إضافة إلى دعوت الجاليات المسلمة في دول العالم إلى أن تمارس مظاهر الدين الإسلامي الصحيحة، ونبذ الأفكار المتطرِّفة واللجوء الى الفكر الهادف المستنير.
علاوة على انشاء قاعدة بيانات معلوماتية شاملة، لا بد من وضع استراتيجيَّة شاملة في مجالات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والتربية والتعليم والارشاد الديني الهادف المستنير في أماكن العبادة والاعتراف بالاخر واحترام الاخر لمواجهة خطر الارهاب والتطرف الذي يتمدَّد في كافة دول العالم وعلى الاخص في منطقة الشرق الاوسط.
وبالتالي لا بد ان يجابه الفكر المتطرف بالفكر الهادف المستنير، ولا يمكن ان يجابه الفكر المتطرف عن طريق الاله الحربية والقصف بالطائرات والقنابل والدبابات، فالفكر السلبي لا بد ان يواجه ويحارب بالفكرالايجابي. ومن هنا جاء كتاب "السراب" للدكتور جمال السويدي والذي تم اشهاره في عدد من الدول الاوروبية والدول الاسكندنافية وعدد من الدول الاخرى وذلك لشرح الإسلام السياسي، وخطر الجماعات المتطرِّفة، اضافة ان يكون هذا الكتاب فاتحة خير للعلماء والادباء والمثقفين لتناول مفهوم الاسلام السياسي وكيفية مجابهة الفكر المتطرف والجماعات الارهابية عن طريق الفكر المستنير.
وعندما نتحدث عن قاعدة معلوماتية دولية لمحابة الارهاب تتجه بي الذاكرة فورا الى جهود جلالة الملك الدولية - وفي هذا السياق بالذات - الى الخطاب التاريخي لجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله في الامم المتحدة بتاريخ 15/9/2015 أمام قادة العالم ضمن أعمال الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما وضع جلالته سبع خطوات أساسية للقضاء على الفكر المتطرف، واصفاً الحرب على هذا الفكر بأنها بمثابة "حرب عالمية ثالثة"، وتساءل جلالته "هل يمكن أن نرضى بمستقبل يسوده القتل الجماعي، وقطع الرؤوس، والخطف والعبودية؟".
وقد تمثلت هذه الخطوات بالعودة إلى الجوهر والروح المشتركة بين الأديان، وتغيير لهجة خطابنا، وترجمة معتقداتنا إلى أفعال، وتعظّيم صوت الاعتدال، وكشف الزيف والخداع على حقيقته، والتخلص من حالة اللامبالاة لأصحاب الفكر المعتدل، وتفعيل التواصل سواء في أعمالنا أو مجتمعاتنا أو مدارسنا وسائر جوانب حياتنا.