هل سنذهب الى حرب عالمية ثالثة .. ؟!
حسين الرواشدة
08-02-2016 01:59 AM
هل تغيرت حقا قواعد “اللعبة” في منطقتنا ؟ يبدو ذلك، فقد اكتشف الجميع ان الحسم في سوريا هو عقدة المنشار لتسديد كل ما يلزم من فواتير ، وحل هذه العقدة لن يترك لطرف او معسكر واحد ، وبالتالي فان “المكاسرة” العسكرية بكل ما لدى كل طرف من امكانيات بدأت فعلا ، ليس من خلال الجو ودعم القوات والمنظمات التي تعمل في الميدان ، وانما من خلال الحشد “البرّي” والتماس المباشر والقتال وجها لوجه.
اذا صحت التنبؤات التي اثارتها تصريحات المسؤول السعودي فسنكون بانتظار حرب مكتملة ، تخوضها دول وجيوش ، وليس حربا بالوكالة كما كان في السابق، صحيح ان لدى ايران ولاحقا روسيا قوات نوعية تساعد النظام السوري في احراز بعض الانتصارات ، وصحيح ايضا ان التنظيمات المسلحة التي تواجه النظام حظيت بالدعم اللوجستي من قبل دول اقليمية وغربية، لكن الصحيح ان المعركة لم تحسم بعد ، كما ان البقاء طويلا في هذا المربع سيمكن النظام من فرض شروطة ، تماما كما عبّر عنها الجعفري والمعلّم بمنطق استعلائي ، ولهذا جاء الرد سريعا من السعودية ثم من تركيا بان موسم التدخل البري قد دخل ، وان السماح للنظام بان يخرج منتصرا خط احمر لا يمكن القبول به.
حين ندقق في سيناريو الحرب البرية المحتملة نجد ان الهدف المعلن منها هو مواجهة داعش ، لكن لا احد يستطيع ان يهضم مسألة المغامرة بالآف الجنود للقضاء على داعش فقط ، لان ذلك يعني ببساطة مساعدة النظام السوري وحلفاءه واعفاءهم من تحمل هذا العبء العسكري ، خاصة وان النظام بنى رواية حربه المقدسة على فرضية مواجهة الارهاب ، كما نجد ان هذا السيناريو جاء بعد فشل مؤتمر جنيف3 والانتصارات النسبية التي حققتها قوات النظام وخطاب “بداية النصر” الذي سمعناها من المسؤولين السوريين بعد ذلك، كما نجد ان المعسكر السعودي التركي ابرم اتفاقية للتعاون الاستراتيجي على مشتركات اهمها الاطاحة بنظام الاسد والحد من التمدد الايراني وافشال التدخل الروسي(للاتراك مصلحة في اجهاض حلم الاكراد بالانفصال واقامة دولة) ، ولهذا فان خيار الدعم عن بعد لبعض التنظيمات السورية المعارضة ، او الانتظار لحين تتعدل موازين القوى او الرهان على المفاوضات والحلول السياسية، كل ذلك لم يعد مجديا بالنسبة لهذا المحور ، الامر الذي يفرض خيارا اخيرا ( اضطرارا ان شئت) وهو الحرب البرية.
لا شك ان هذا السيناريو المحتمل سيطرح العديد من الاسئلة ، منها ما يتعلق بالدول التي ستشارك في هذه الحرب ، والمظلة التي ستتحرك في اطارها ، والشرعية التي ستسمح لها بالدخول الى الاراضي السورية ،ومن اين ستدخل ، ومنها ما يتعلق بالردود الروسية والايرانية ، والموقف الحقيقي لواشنطن ، والاهداف العسكرية التي ستدرج على قائمة اولوياتها ، وامكانية التنسيق مع النظام السوري و “القوات” الفاعلة داخل الاراضي السورية ( وهي شبكة تنظيمات معقدة جدا)، وفيما اذا كانت هذه القوات والتنظيمات ستعتبرها اهدافا لها ، وبالتالي فان المؤكد ان هذا السيناريو ان حصل سيفهم في سياق واحد وهو “المجازفة” لاعادة توازن القوى بين المعسكرين اللذين يتصارعان على سوريا تحديدا او على النفوذ في المنطقة بشكل عام ، ويعتمد منطق كل طرف على حجة واحدة وهي : “خيار شمشون” المتثل اخيرا في الحرب على الارض ، حيث ثبت بعد التدخل الروسي ان حسم المواجهة بات قريبا لمصلحة النظام وحلفائه ما لم يستخدم هو اخر اوراقه ويدخل بكل ما لديه من قوة لاعادة ميزان القوى الذي اختل بشكل واضح الى ما كان عليه قبل شهور ، وبغض النظر عن حسبة الارباح والخسائر ، فان ما يترتب على المتضررين من بقاء الاسد وتمدد ايران واستفراد روسيا بالمنطقة من خسائر يبدو اقل مما سترتب عليهم حال المغامرة بحرب برية، ما لم يتوفر لهم خيار ثالث ، وهولايبدو في متناول اليد.
اذا حدث ذلك، هل سنذهب الى حرب عالمية ثالثة ؟ لا استبعد ذلك، فكل المؤشرات تؤكد ان الصراع في هذه المنطقة وعليها لن يجد طريقه للحل قبل ان “تصفّي” الدول ، سواء على مستوى الاقليم او القوى المتحكمة بالعالم، حساباتها ، وهذا غير ممكن حاليا بالوسائل السياسية، تماما كما حدث في الحرب العالمية الثانية التي انهمكت الدول فيها ثم استنزفتها حتى وصلت بعد ذلك الى توافقات اعادت تفكيكها وتقسيمها ورسم خرائطها من جديد.
الان ، منطقتنا وصلت الى حافة النهاية، ولم يعد بمقدور اية قوة او دولة ان تتجنب الدخول في التصفية النهائية( حتى لو رغبت في ذلك) ، وبالتالي فان سيناريو الحرب البرية هو الطريق والخيار المرجح وليس المقترح فقط، ومع انه سيكون كارثيا بكافة المقاييس الا انه اصبح بمثابة “كأس السم” الذي لا بد ان يتجرعه الجميع للخروج من هذه الدوامة وفرض واقع جديد لا احد يعرف كيف ستكون ملامحه ، ولكنه لن يكون اسوأ بكثير مما نحن فيه.
الدستور