سلامة سعيد السعودي عاهد فصدق ورحل عن عطاء بلا منة
د. صبري ربيحات
06-02-2016 01:51 AM
بعض الرجال يؤدون الادوار الموكلة اليهم...والبعض يتهربون من مسؤولياتهم... والابطال فقط يستجيبون للتحديات بلا تكلف اوتردد او استعراض. لم يكن سلامة سعيد السعودي الذي التحق بلواء الحرس الملكي في عام 1941 جنديا عاديا. ليتقاعد بعد قرابة عقدين من الخدمة ضابطا تاركا سيرة لخدمة تزخر بالانجازات التي تتجاوز حدود مسؤوليات الواجب ..فقد كان رجلا يحمل في صدره حبا للوطن لا تحكمه المصالح وايمانا لا يعتريه لبس اوشكوك.
سلامة السعودي ليس مسيسا ولا عضو في حزب لكنه كان جنديا يفهم معنى الجندية ورسالتها بلا تعليمات او اوامر فقد كان ىشخصية يصعب ان تتكرر ..فهو رجلا في زمن كان فيه الرجال رجالا... وسيدا يحمل بين اضلاعه قلبا مؤمنا بالواجب و استعدادا للعطاء يطغى على كل الرغبات الفردية . كانت عزيمتة بحجم الايمان الذي تحلى به فهو ينتمي لفصيلة من الرجال يمتعها العطاء ويزهدون بالعطايا...
في سبعينيات القرن الماضي كنا مجموعة من طلاب الجامعة الاردنية المقيمون في جبل الهاشمي الجنوبي نلتقي في كل صباح بانتظار باص الجبل ليقلنا الى موقف باصات الجامعة وغالبا ما يصادفنا الرجل الذي لم تفقده السنين وسامته وحيويته . كنا نتوقف لحديث عابر وتامله في بدلة الفوتيك الزيتية التي ظلت تلازمه ويزهو بارتدائها حتى بعد ان تقاعد من صفوف الخدمة العسكرية التي احبها واحبته.
حديث سلامة سعيد ومشيته وتعليقاته على كل الاحداث لم تتغير فقد كان جنديا باسلا ومواطنا حمل بلده وامالها في قلبه ووجدانه وهو يعبر الزمن عاما بعد عام وعقدا تلو عقد . فقد كانت له لهجة امرة ونظرات حادة تتفحص الاشياء والنوايا فالرجل لم ينسى انه حارسا من حراس الملك المؤتمنين على حياته.
منذ سنوات خفت حركة الرجل الذي احتفظ برشاقته وعزيمته واهتمامه فلزم بيته يتامل الاحداث ويضخ باحفاده ومحبيه بعضا من العزيمة التي تملكت روحه ودفعته يوما لحسم مواقف دون تردد او حسابات.
قبل ساعات تلقيت مكالمة تبلغني برحيل ابا سامي فرحلت بي الذاكرة الى كل القصص التي رواها الرفاق والمواقف التي كان فيها الرجل حاضرا...والايام التي كانت فيها العزائم اشد مما هي عليه اليوم....فترحمت على روح الرجل وذكراه العطرة وتمنيت لو تعرف الشباب على سيرة الرجال الذين حملوا الوطن في صدورهم دون ان ينظروا الى ارقامهم الوطنية وبعثات الابناء .....وجملة الامتيازات التي تحركهم .
السلام على روحك الطاهرة يا ابا سامي ....واطيب العزاء لاسرتك ومحبوك....فقد تركت لهم ارثا من الرجولة والنبل والشجاعة....وتركت لرفاق السلاح صور للجندية في اجمل تجلياتها...فالى جنان الخلد ايها الجندي الاسطوري.
وقضى وهو يحلم بوطن الشمس والمجد.... رحمك الله ايها الفارس الذي سطر بشجاعته فصلا لا ينسى..