باسم سكجها يكتب : الكتاب الأبيض
باسم سكجها
03-07-2008 03:00 AM
لا أكتب عن كلام الملك ، فلكلّ شيء إذا ما تمّ نقصان ، وقد تمّ الأمر تماماً كاملاً ، في مقابلة استغرقت صفحتين ، فتضمّنت ما يمكن أن يستغرق مئات المقالات ، وحين يكون هناك قلب ، يكون هناك بوح ، وليس ثمّة ما يلخّص المقابلة أكثر من جملة واحدة: "في الوقت الذي قد يختلف أعضاء هذه الأسرة ، ويتجادلون من حين لآخر ، فسيظلّ دائماً مكان لكلّ واحد منهم في قلبي".
هنا ، لا أكتب عن كلام الملك ، بل أكتب عن الملك ، وقد تشرّفت مع زملائي بمرافقته في جولاته ، واجتماعاته ، عشرات المرّات ، وفي كلّ مرّة كان هناك ما يستأهل التسجيل والنقل ، ولكنّ ما جرى في زيارة الرمثا قبل أسبوع كان يشي بزاوية أخرى من شخصيته. كنتُ أتأمّل انفعالات وجهه الغاضبة وهو يقول للناس: "لا تصدّقوا إشاعات عمّان" ، وأتابع سياق حركته بعين الصحافي ، ولم أخف عن زملائي القول: جلالته ليس غاضباً فحسب ، بل هو حزين أيضاً.
كانت عمّان تغلي في فنجان قهوة مرّة ، ويتسيّد الجهل الأجواء ، وتصيب الجهالة الأقوام ، وتختلط الحوابل بالنوابل ، ويضيع في زحمة التوافه المنطق ، وصار من شأن إشاعة صبيانية تُنشر هنا ، أو هناك ، أن يخوّن شخص ، أو تُنبذ جهة ، وأصبح طبيعياً أن يتصدّر سخيف المكان فيفتي بتحريم الحلال ، وتحليل الحرام ، وغير ذلك كثير الكثير.
كان الملك غاضباً ، وبدا على وجهه الحزن أيضاً ، ولو دخلنا إلى قلبه لحظتها لعرفنا أنّ هناك الكثير من الكلام والبوح الواجب القول ، وأنّ هناك قراراً يقضي بالخروج عن الصمت ، وأن يقولها لشعبه مرّة واحدة وإلى الأبد ، فلا يجوز أن يتحكّم الجهل بنا ، وتستغرقنا الثرثرة والإشاعة لنبدو وكأنّنا مجتمع يكره نفسه.
غلّف الحبّ كلام الملك ، وهو هنا كعادته لا يضيء شمعة بل يضيء شموعاً ، وبعدها يلعن الظلم والظلام ، ويبقى أنّه من لا يشكر عبدالله لا يشكر الله ، ولعلّها كانت صفحة سوداء نمزّقها من كتاب الأردن الأبيض على الدوام.
عن الدستور.