كم كنت اشعر باعتزاز وهيبة،وانا أرى أبي أحد ضباط سلاح الهندسة. كانت رؤيته بثيابه العسكرية الجميلة تبهرني، والتاج على طاقية أبي العسكرية كان يشعرني بالفخر والبهجة.كنت استمد الكثير من القوة والإلهام من ابي.
بعد تقاعده من الجيش الاردني سافر الى الخليج وعمل بأحد اكبر شركات المعدات الثقيلة لمدة تزيد عن عن عشرة أعوام، وبعد أن كون رأس مال جيد بدأ مشروعه الخاص شركة لبيع قطع المعدات الثقيلة اسماها شركة فاست، عمل ابي بجد وإخلاص،ما زلت اذكر كيف كنت امازحه وأقول له هل اصلي وادعو لك ان تربح كثيراً، فقد سمعت أن البنات يجلبن الرزق، كان يضحك كثيراً من براءة وطيب الفكرة ويؤكد لي أن افعل.
كان يضحى براحته الشخصية في سبيل توفير رغد العيش لنا وتعليمنا، كنت اشعر به كجبل صامد لا يكل ولا يمل العمل ورغم عمله لم ينسى أن يشعرنا بالمحبة والحنان ، عاطفته الصادقه ووقوف امي الدائم الى جانبه مكنهما من دعم اربعة من الأبناء وسته من البنات للحصول على الشهادات الجامعية العليا بتخصصات مختلفة منها الطب ، والهندسة ، والاكاديميا،استطاع ابي ان يجعل منا عشرة أبناء ناجحين محبين للعمل.
احب ابي الخير وكان دائم العطاء لكن معظم ما قدمه عرفناه نحن كأبناءه بعد وفاته، ومن أجمل ما أنجز في حياته قاعة في الجامعة الاردنية بكلية الهندسة سميت بأسمه، جعلها الله في ميزان حسناته كصدقة جارية.
لطالما قال لي انني استحق الأفضل لكن الافضل بدونه بات يفتقد وجوده. ابي يا صاحب الفضل بعد الله، علمتني ان اخلص عند القيام بالاعمال . علمتني ان اتبع حلمي حتي النهاية.
وان لا استسلم ،علمتني حب العلم والعمل ،علمتني الصبر،والتفأول، ومعني التضحية، وصدق التعبير عما أشعر، علمتني كيف اتحدى نفسي واصنع من ضعفي قوة.
كنت سندي النفسي والروحي ،دعمتني بمختلف المجالات والصعد. ثم رحلت فجاءة بدون ميعاد او انذار،ذهبت الي حياة أمل ان تكون افضل من حياتنا، عند كل انجاز احققه في حياتي تكون اول من اتذكره،واعلم لو كنت موجود ستفرح لي وبي، فأقول ليتك هنا،أناديك، وتخنقني العبرات، أشعر ببرودة هدا العالم بدونك.
اه لو تعرف يا ابي كم انا فخورة بأنك ابي.اه لوتعرف كما انا مشتقاقة لك ولمحبتك ولحنانك. أتراك تعرف؛ هل تسمعني!
ابي كل الاشياء بدونك ينقصها وجودك .بعد رحيلك كنت اشعر أنني أسير في نفق مظلم ليس لة نهاية لكن نوراً أطل فجاءة من اخر النفق، للوهلة الأولى اثار فزعي شعرت بالخوف فلقد ملأ روحي العتم حزناً على فراقك. بدأ النور يتسرب بهدوء، احتوى روحي، وحزني، اعاد لي ذكري ايام الدفء والحنان ، نظرة الحنان التي افتقدتها امامي. أبي انت النور الذي لا يغيب، أنت تزورني في أحلامي لتُطمئن روحي.
احبك جدا أبي ، واشتاقك جدا،جزاك الله بالأحسان احساناً واسكن روحك الطاهرة عليين مع الشهداءوالصديقين،ورحمك وأبناء الأمة اجمعين.