هؤلاء يبيعون التمر في اسواق خيبر .. !
حسين الرواشدة
05-02-2016 04:12 AM
أين كان هؤلاء الذين يخرجون الينا اليوم بنصائحهم «الاصلاحية» حين كان مجتمعنا يطالب بالاصلاح ويشكو من «الفاسدين» وينتقد الحكومات التي سقطت علينا بالبراشوت؟ اين كانوا حين اغلقت الادراج على قانون «من أين لك هذا؟» وحين ارتفعت الاصوات بمعاقبة الصحافة الوطنية وتأديب «الاقلام» النظيفة وتأليب الرأي العام على كل من يطالب بمحاسبة المسؤولين الذين تجاوزوا صلاحياتهم واغرقوا البلد في المديونية والفساد؟
الآن، بعد ان عطّلوا قطار الاصلاح، واجهزوا على سكته، يحاولون ان يبدأوا هجومهم المعاكس على الحكومات ومقرراتها والمرحلة السابقة واخطائها ، وان يقفزوا على «مراكبها» الغارقة ويتبرأوا من ممارساتها ، ليقنعونا بانهم «اصلاحيون» بالفطرة ، وضحايا للحكومات لا «متحالفون» معها ، ومنقذون من الازمات لا متورطون فيها ، الآن يريدون ان «يتطهروا» من الماضي ، وان يلحقوا بغنائم الاصلاح المتوقعة ، وان يختطفوا مطالب الناس البسطاء «ليبيضوا» بها حساباتهم المغلوطة.
لا قيمة «للحكمة» اليوم بأثر رجعي ، ولا جدوى من الرهان على «ذاكرة» الناس التي لم تشطب منها بعد «مواقف» هؤلاء وممارساتهم ، ولا معنى لتجريب المجرّب الذي سقط في امتحان «الاصلاح» فمجتمعنا يعرف تماما من عانده ومن سانده ، من انتهى به الى هذه المآلات المفزعة ومن وقف مع حقوقه وقضاياه ، من مدّ يده الى «جيوبه» الفارغة ومن دفع تكاليف مواقفه وزهد في المغانم واغراءاتها.
بوسع بعض الذين يحاولون اليوم تقديم اوراق «اعتمادهم» لدى الناس ان يفهموا بان الدنيا تغيرت ، وبان منطق «طلاء» المواقف وتزيينها قد سقط ، وبان روح التغيير التي هبت على بلداننا واعادت للناس «وعيهم» قد كشفت «حجب» الكثيرين واقنعتهم ، فما عاد لهؤلاء الذين «يبيعون التمر في اسواق خيبر» من يشتري منهم بضائعهم ، او يصغي لنصائحهم ، او يصدّق صحواتهم المتأخرة.
ان افضل خدمة يمكن لهؤلاء ان يقدموها لبلدهم وللناس هي ان ينسحبوا من المشهد ، اذا عجزوا ان يعترفوا بما ارتكبوه من اخطاء، ولو حصل فمجتمعنا يسامح ولا ينتقم ، يحاسب ولا يتشفى ، يتطلع الى المستقبل ولا يلتفت الى الماضي ، لكن يبدو ان اخر ما يفكر به هؤلاء ان يتركوا «لبوصلة» الناس ان تسير في اتجاهها الصحيح وان تقرر ماذا تريد ، ولهذا فانهم يصرون على»ركوب» الموجة وارتداء طاقية الاخفاء ، وتحميل غيرهم المسؤولية التي
كانوا «شركاء» فيها، بل وكانوا اكثر من بعض الحكومات تحمسا لوقف عقارب ساعة «الاصلاح» وشده الى الوراء.
لا يهم -هنا - من هم، ولا ماذا فعلوا، ولا لماذا حضروا اليوم واشهروا «غضبهم» فلدى الناس ما يلزم من اجابات على ذلك لكن المهم هو الانتباه لهذه الصحوات المتأخرة ولهذه الاصوات التي ارتفعت لنفض يدها من الماضي وقد كانت من اشد المدافعين عنه واكثر المتسببين فيه ايضا.
الدستور