عمون – محمد الخوالدة - اذا كان ما شهدته محافظة الكرك منذ بدء الموسم الشتوي الحالي من امطار وفيرة وثلوج، مبشرا لمزارعي المحاصيل الحقلية فقد كانت البشرى اكبر لمربي الماشية في المحافظة، فوفرة الامطار وما صحبها من ثلوج يعززان آمالهم بموسم رعوي جيد من حيث نمو المراعي الطبيعية باعشابها المتنوعة.
نمو المراعي الطبيعية يحقق لمربي الماشية فائدتين الاولى لما توفره المراعي عليهم من مال كانوا سينفقونه لشراء الاعلاف المصنعة المكلفة لمواشيهم، اما الفائدة الثانية فان نمو المراعي الطبيعية يعني الاعلاف الخضراء التي تحفظ صحة الحيوان وتزيد من خصوبته وانتاجيته للحليب اللازم لتصنيع مشتقات الالبان، وفي مقدمتها اللبن الجميد السلعة الاشهر والاكثر تسويقا على صعيد المحافظة والمملكة وبعض الاقطار العربية المحيطة.
الانتاج الوفير للبن الجميد مفيد ايضا للمستهلكين فاسعاره تنخفض جراء زيادة الكميات المعروضة منه للبيع، فالاسعار ترتفع في مواسم الجفاف، وهذا امر ملاحظ، فالمواسم الشتوية الاخيرة بامطارها المتدنية نسبيا - والحديث هنا الجميد الكركي الاصلي - ضاعفت سعر رطل هذا اللبن من (18) دينارا الى زهاء (40) دينارا حاليا، فيما ارتفع سعر رطل السمن البلدي من (7) دنانير الى عشرة.
الاعشاب التي تنمو في المراعي الطبيعية تفيد بدورها بجودة المنتج فتعطيه مذاقا خاصا كما تضفي على الطعام الذي يطهى بالجميد وعلى رأسها المنسف الاكلة الشعبية الاردنية الاشهر نكهة خاصة لا يوفرها اللبن الذي تنتجه المواشي المتغذية بالعلف الصناعي.
يشار الى ان الكثير من الاسر الكركية وبخاصة في ارياف المحافظة باتت تتخذ من صناعة اللبن الجميد مصدر دخل موسمي لها حتى لو كانت لا تمتلك اغناما، اذ تشتري هذه الاسر الحليب من مربي الماشية فتقوم بخضه باستخدام اداة كهربائية بدل الاداة الشعبية السابقة والمسماة بـ"السعن" المصنع من جلود المواشي والذي مازال مستخدما على قلة في بعض مناطق المحافظة.
يفرز الحليب عند خضه مادة دهنية هي الزبدة البلدية المتشكلة من المادة الدسمة التي يحتويها الحليب فيجري فصلها عن السائل المتبقي ليصنع منها بعد اضافة مكونات معينة السمن البلدي، اما السائل المتبقي فيتم تخثيره ليتماسك فينتج "الجبجب" الذي منه وبعد اضافة مكونات اخرى اليه ايضا يعمل اللبن الجميد.