الروح الثأرية عند رجالات الدولة
عمر كلاب
03-02-2016 01:55 AM
ما ان تجلس مع سياسي عتيق او حديث الا وتكتشف عجزه في الاجابة عن اسباب اقترابه ولاحقا ابتعاده عن مطبخ القرار او المنصب العام الذي وصله , واذا ما افصح قليلا فستجد ان النكايات الشخصية والثأرية هي سبب الاقصاء وان اسباب القدوم تاليا كانت اقترابه من طبقة قائمة، مما يعني ان مصابيح الحقيقة لا تكفي للاضاءة على شخصية بعينها , بل ان المواقف الشخصية هي الاساس لبناء المواقف وتحديد المواقع، وان الكيمياء الشخصية بين رجال السياسة اهم من المصلحة الوطنية او المصلحة العامة بشكل اكثر دقة.
خلال لقاء صريح وواسع مع الباشا عبد الهادي المجالي , كشف الرجل من مخزنه الكثير وهو مخزن امتد عبر ستين عاما من العمل العام , شغل الرجل خلاله مواقع متعددة ومتباينة , فهو شخصية استثنائية في حجم تعاطيها مع الظرف والواقع ومارس ليونة فائقة في الاستجابة للظروف الموضوعية وانتقل من العسكري الى السياسي الى الحزبي الى البرلماني بطواعية مرنة وبتطور ذهني يفوق قدرة استجابة الخلايا الدماغية في عمر متقدم، المجالي يؤكد غياب السياسيين عن المشهد وبأن لدينا طبقة عملت بالسياسة عبر بوابة الوظيفة العامة وترقيها في هذه الوظيفة لكنهم ليسوا سياسيين مستشهدا بحالات كثيرة كانت الفرصة سانحة للتقدم بالعمل السياسي والحزبي وبدعم ملكي غيرمسبوق،لكن رجالات الحكم آثرت ان تربك المشهد للحفاظ على مصالحها مستخدمة اساليب التأليب وتخويف مسننات الدولة من الخطوات الاصلاحية.
ولا ينكر الرجل تعرضه لهجمات ثأرية خلال حكومات متعاقبة، فالثأرية هي التي تحكم علاقة الساسة ببعضهم البعض ويقترب السياسي من دائرة صنع القرار ويبتعد بناء على مواقف شخصية وليس رؤية سياسية وهذا اضعف الارادة السياسية بالاصلاح والتغيير، فالكيمياء الشخصية بين طبقة الحكم ورجالاتها أهم من المصلحة الوطنية والاحكام الشخصية هي الاساس لبناء المواقف الرسمية وهذه غيركافية لاضاءة مصابيح الحقيقة امام صاحب القرار .
اعترافات المجالي يمكن تطبيقها على اعترافات كثيرة لشخصيات سياسية ثانية , فشخصية سياسية بوزن عدنان ابو عودة عانت من النكاية كما قال الرجل اكثر من مرة وعانى من الثأرية التي تحاكم السياسي على اقترابه من المطبخ او المخزن وليس على عقله وسلوكه , وربما يعاني اصحاب الرؤيا الواسعة والواعية من اصحاب الكفاءة المحدودة او الرؤيا الضيقة داخل مسننات الدولة , مما يفقد الدولة كفاءات وآراء تستطيع احداث الفرق اللازم والمطلوب في المفاصل السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكأن العقاب يأتي نتيجة النجاح وليس ثمنا للفشل وهذا ساهم في ابتعاد عقول كثيرة عن لعبة السياسة او الانزلاق في صالونات النخبة.
حروب النخب داخل الملعب السياسي وكما يقول اكثر من لاعب عتيق تخلو اليوم من فروسية المواجهة , فكلها تأتي عبر نكايات وتأليبات تحتانية , ساهمت في خلق بيئة خصومة شخصانية واسهمت في تصغير الحالة السياسية او الوزن النوعي للمناصب السياسية في الاردن , وبات استسهال الهجوم على الموقع والشخص سلوكا ممنهجا , فلم يسلم احد من القصف الى درجة بات المنصب مهشمّا وكذلك الشخص وانعكس ذلك على منسوب الثقة في المواقع والمناصب والشخوص وتدنت الثقة حد ان الاشاعة باتت هي الحقيقة واي رواية غير رسمية اصدق عند الشارع .
حروب الشخصيات السياسية وافتقارها الى المنهجية السياسية هي اخطر ظاهرة تعاني منها الحالة الاردنية وهي اسهمت في افول شخصيات او تغييبها وفي تهشيم المواقع والشخوص العاملة ايضا واستمرار الحالة يعني مزيدا من التهشيم وخسارة للحالة الوطنية وعلى الساسة ان يتطوروا بمقدار الظرف الراهن والازمات المحيطة والا لن نجد من نستكين الى رأيه او نستأنس بمنهجه ونبقى نداور في ملعب لن ينتظرنا كثيرا.
الدستور