بصرف النظر عن صحة ما بدر عن مستشار المرشح للرئاسة الامريكية جون ماكين، من عدمه، فالمرحلة على المستوى الاردني تتطلب عصفا ذهنيا عاجلا، حتى لا نفقد ذلك التناغم بسبب تداعيات بدعة الخيار الاردني وقبلها بيع أراضي الدولة وأزمة مهرجان الأردن.
فالآراء التي حاولت التشويش حول عمل الحكومة لتقديم أجندتها الخاصة على المصلحة العامة، حاولت أيضا إشغال الأجهزة الرسمية برمتها عن الخطر الحقيقي الذي يحيط بالأردن وهويته.
وحقيقة، لولا ثقة الشعب بقائده وتنفيذ الحكومة لتوجيهاته، لما انتهت أمور ذلك التشويش على ما هي عليه الآن. فالأردنيون بايعوا مليكهم على المضي في طريق الاستقلال الاقتصادي من خلال الاعتماد على الذات والصبر لحين الانتهاء من التأسيس الكامل لمرحلة التحول الاقتصادي ومن ثم الدخول الى مرحلة الرفاه التي يطمح إليها الجميع.
وان كان غلاء الاسعار وضنك الحياة شغل الأردنيين الشاغل يوميا فان طارئ الخوف من \"الوطن البديل\" لم يقل أهمية عن هذا الشاغل، بدليل حركة الرأي العام الاردني والموقف الرسمي وإعلان الموت مقابل قيام الدولة الفلسطينية وحماية الهوية الأردنية المستهدفة من اجل قيام \"دولة إسرائيل اليهودية الخالصة\".
المخططات ضد الأردن قديمة متجددة، ومحاولة تنفيذها على الأرض مستمرة منذ يوم الاحتلال الأول عام 1948، وفشل نجاحها حتى هذا اليوم بسبب وحدة وتكاتف أهله لم يعد سرا لأنه أصبح هدف أصحاب مشروع شطب الهويتين الأردنية والفلسطينية.
والثوابت الأردنية فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية لم تعد حمراء عند الأردنيين فقط، بل غدت برنامجا وطنيا للأشقاء والأهل الذين يكابدون ويلات الحصار والقتل والحرمان من اجل الاستقلال غرب النهر.
وبعد الدمار الذي لحق بالأشقاء في العراق وخطر الحرب الأهلية التي لا زالت تسيطر على الأجواء في لبنان، وغيرها من المآسي السياسية التي تعانيها دول عربية شقيقة، فـإن \"التجربة الأردنية\" أصبحت مطلبا شعبيا عربيا بعدما تأكد الذين انقادوا خلف سحر \"المشككين\" بان \"صبر\" الاردني على ضنك الحياة، ليس خوفا من استدعاء للتحقيق او توقيف امني او حكم بالسجن، وإنما الانتماء والولاء الذي صد كل المخططات المعادية التي استهدفت وحدة أهل هذه البلاد واستقرارها وحتى هويتها.
صحيح أن \"الضنك\" كاد أن يفقد البعض ذلك الصبر بسبب صعوبة الأحوال. ولكن بتفقد المليك دوما لأحوال العباد والوقوف على احتياجاتهم وأوامره السامية للحكومة بتوفير \"السكن والعيش الكريم\" لحماية الفقراء وأصحاب الدخل المحدود من زلزال ارتفاع الاسعار الذي يجتاح العالم منذ أشهر جعل كل شيء مثل غيمة الصيف.
ما يحتاجه الأردنيون هو العزيمة وخلو طريقهم الذي خطوه بالاعتماد على الذات من مطبات الفاسدين والمزايدين، وممن تضررت مصالحهم وتوقف انتفاخ حساباتهم وخرجوا من مولد \"الإصلاح الشامل\" بدون حمص.
وكأي حكومة، فالملاحظات على أداء عدد من الوزراء في حكومة المهندس نادر الذهبي لا يعني أن نسمح لذلك التشويش بإشغالها عن التصدي للمخططات الكبرى من خلال إسنادها في تنفيذ ما يرفع ضنك الحياة عن المواطن الذي هو رأس مال الدولة الأردنية.
الحقيقة الدولية