حين اقترح يوري افنيري على اسرائيل ان تصدر قاموسا يحدد معاني الديمقراطية والحرية والاستقلال كان يقصد ساخرا ان هذه المفاهيم لها باللغة العبرية دلالات مغايرة، فالحرية لليهودي فقط اذا قبل الانصهار في بوتقة الصهيونية، وكذلك الديمقراطية والاستقلال، وذلك يتناغم مع الفلسفة الغيبية والغبية معا التي تشطر العالم الى يهود وجوييم، فالآخر بالنسبة لهذه الفلسفة لا يهم ما اذا كان فرنسيا او المانيا او عربيا؛ لأن صفة هؤلاء الجامعة هي الجوييم.
وحين يتحدث ساسة اسرائيل وجنرالاتها عن مفهوم الشريك الجدير بهذه التسمية من الفلسطينيين تكون شروطه على النحو الآتي:
اولا : التفريط بالثوابت الوطنية.
ثانيا : شجب كل ما يصدر عن الضحايا الفلسطينيين حتى لو كان مجرد انين.
ثالثا : القبول بوظيفة الحارس للدولة العبرية وامنها المقدس.
لهذا لم يظفر الراحل عرفات بلقب شريك كما تحدده القواميس العبرية منذ اوسلو حتى الرحيل الملغوم (...) والمطلوب الان من الرئيس محمود عباس كما يعلن نتنياهو ان يشجب كل فعل ينتمي الى الحراك المقاوم، حتى لو كان مجرد حجر في قبضة طفل، واذا لم يفعل ذلك فهو ليس شريكا، كما انه يصبح مرشحا لحصار يذكرنا بحصار المقاطعة الذي قاطع فيه العرب عرفات فصدّق ما قاله محمود درويش : كم كنت وحدك يا ابن امي يا ابن اكثر من أب .. كم كنت وحدك !!
قبل حصاره كان عرفات مطالبا بأن يدفع مقابل حبة الزيتون جلْده، انها المعادلة القديمة ذاتها لكن يعاد انتاجها في كل مرحلة حسب متطلبات الحاجة الاسرائيلية وهي ان الفلسطيني الطيّب هو الفلسطيني الميّت، واخيرا الفلسطيني الشريك هو الذي يعطي كل شيء مقابل لا شيء!.
وفي عصر تحوّل برمّته الى مسرحية عبث او ما يسمى في الادب «اللامعقول» لا تطالب اسرائيل بشجب جرائم منها ما كان حرقا للاطفال وهم احياء، والمطالب بالاعتذار هو الضحية!.
هكذا اصبحت المعادلة السياسية واضحة، تتلخص في ان من يتولى قيادة الفلسطينيين عليه ان يخذلهم ويتخلى عن حقوقهم ودمائهم مقابل ان ينال لقب شريك باللغة العبرية!!.
الدستور