الماركات والمستهلك .. رب ضارة نافعة
ماجدة المعايطة
01-02-2016 01:53 PM
عسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم! هو القول المحكم الذي يحلل للمواطن ان يقول "عسى أن تكره الحكومة شيئاً وهو خير للناس".
وإذا كان المواطن إيجابياً بدرجة اضافية في انتقاده للحكومة فانه سيستخدم ايضا المثل القديم "رب ضارة نافعة" ثم يبدأ يبحث عن الجوانب النافعة غير المنظورة في أي موقف شعرت معه الحكومة بأنها تضررت.
حصل شيءٌ من ذلك قبل ايام عندما تضايقت الحكومة، وتحديداً وزارة الصناعة والتجارة من تهديدات واحد أو اثنين من المستثمرين يمتلكون وكالات لمجموعة من الماركات العالمية، حيث هددوا بالانسحاب من السوق ان لم يحصلوا على تسهيلات او إعفاءات إضافية في الجمارك والضريبة واسعار الكهرباء وأجرة المكاتب ... الخ، لعلها توقف الخسائر التي تدعوهم لتصفية أعمالهم.
ومع أن الوسط التجاري والوكلاء الآخرdن، وايضاً غرفة التجارة ، كانوا يمتلكون معلومات بأن هذا التهديد غير دقيق، وانه يستخدم الإعلام ونقص المعلومات الفنية من أجل الضغط على الحكومة، إلا أن وزيرة الصناعة والتجارة المهندسة مها العلي كانت بحجم المسؤولية: تجمع الإحاطة والحزم مع اللباقة في معالجة قضية مسّت البيئة الاستثمارية في وقت حرج يتحدث فيه الجميع عن الحاجة الى التطوير والإصلاح في القوانين واللوائح والسلوكيات الاستثمارية. الوزيرة طلبت من أصحاب الوكالات دراسة تفصيلية حول الكلف التشغيلية التي يقولون أنها دفعتهم لإعادة النظر ببعض وكالاتهم، كما طلبت من غرفة التجارة تفسيراً لأسباب مثل هذه الشكوى الفردية التي لا تتشارك بها بقية الوكالات أو قطاع التجزئة برمته.
رب ضارة نافعة، وعسى أن تكره الحكومة شيئاً وهو خير للناس!!
فقد فتحت الضجة الإعلامية لبعض الوكالات التجارية، باباً كان منسياً في القوانين والتشريعات وهو الربط بين قانون الوكلات التجارية وبين حماية المستهلك. فليس لدينا في القانون ما يلزم الوكلاء او التجار بأن يعكسوا (في دفاترهم المحاسبية) ما يحصلون عليه من دعم حكومي بحيث يستفيد منه المستهلك. وهذه مشكلة كبيرة تجعل المواطن العادي يسمع بتخفيضات الضرائب والجمارك على بعض السلع والخدمات لكنه (أي المواطن) لا يرى انعكاساً على الأسعار والجودة.
وليس أدل على ذلك من أن هذه الوكالات نفسها كانت حصلت في شهر اكتوبر الماضي على تخفيضات جمركية وضريبية شملت الملابس والأحذية ومستحضرات التجميل، لكن أسعارهم بقيت كما هي وذهبت الإعفاءات الحكومية ارباحا اضافية للتجار دون ان يشعر بها المستهلك.
بالمناسبة هذا الموضوع ينطبق على كل الشركات العاملة في السوق، بدءا من البنوك وشركات التأمين وانتهاء بالسولار الذي جرى خصخصة استيراده قبل ايام ، ومعه ايضا منتجات المصفاة والكهرباء. فليس في القانون عندنا ما يلزم الشركات أن تعكس جزءاً من الدعم لصالح المستهلك الذي لم يشعر يوماً بانخفاض الأسعار رغم ما تتلقاه الشركات من دعم على حساب موازنة الدولة.
نقطة اخرى نبهنا لها "حراك" بعض الماركات العالمية وهي ان القانون الأردني لا يلزم الوكالات التجارية المحلية بأن تعتمد نفس سعر البيع لمثيلاتها في الأسواق الاقليمية الأخرى.فالاحتكار المباشر او الضمني يمنحهم فرصة أن يبيعوا سلعهم وخدماتهم (بدءا من الادوية مرورا بالبنزين وانتهاء باللحمة) اعلى مما تباع به نفس السلع في الاسواق المجاورة.
نعم رب ضارة نافعة! فقد فتحت ضجة الماركات عيون من يعنيهم الأمر (أو هكذا المفترض) على حقائق بمثابة البديهيات في موضوع الربط بين الوكالات التجارية و حماية المستهلك الأردني وتحديداً في بند الأسعار.
موضوع حماية المستهلك هو في حقيقته جزء من الرزمة الإصلاحية التي تتصدر اولويات الدولة باعتبارها أساس الأمن والأمان الاجتماعي. لكن الحاصل هو أن الذاكرة التشريعية لدينا مخرومة بدليل أن قانون حماية المستهلك صار له حوالي عشرين سنة وهو تائه بين الحكومات والمجالس النيابية.
majeda811@hotmail.com