انطلقت احتفالات المملكة بالعيد المئة لانطلاق الثورة العربية الكبرى بقيادة شريف العرب الملك الحسين بن علي طيب الله ذكراه، وكلنا امل ان نُرسخ معاني هذه الثورة لدى النشء من شبابنا الأردني. ولا نريد لهذه الاحتفالية ان تمر مثلما مرت ذكرى 86 عاماً على تأسيس الدولة الاردنية: بضع ندوات متنازعة واغان واهازيج ودحية ويعيش يعيش، ثم تنتهي الموجة ولا احد يعود يتذكر معانيها.
كنت قبل يومين، استمع الى اذاعة محلية تبث من احد المولات، وتسأل المذيعة الاطفال متى انطلقت الثورة العربية الكبرى ولا احد اجاب اجابة موفقة، اذا كنا نحن اهل الدار وبناة الاردن وحملة راية الثورة العربية الكبرى لا نعلّم اطفالنا عنها فهل نطلب من الاخرين ان يدركوا أهميتها لنا باعتبارها نهضة عربية بكل ما تعنيه الكلمة.
لم تكن الثورة مجرد طلقة اطلقها الشريف الحسين بن علي من مكة، بل كانت استجابة من الهاشميين لتطلعات وآمال الشعوب العربية بالتحرر واستجابة لنداءات المثقفين السوريين والعشائر في بلاد الشام التي طالبت بالاستقلال والغاء التبعية.
الثورة كانت في مواجهة عملية التتريك التي مارسها حزب الاتحاد والترقي ضد العرب ولم تكن مواجهة مع الخلافة الاسلامية لانه منذ ذلك التاريخ وحتى انتهاء الحكم الاسلامي وتسلم اتاتورك مقاليد الحكم كانت في حكم المنتهية وتسيّد الأمر حزب الاتحاد والترقي.
بهذه المعاني يجب ان يدرك المسؤولون ان الاحتفالية ليست مجرد رفع علم الثورة العربية على المباني العامة بل يجب ان تُكرّس في المناهج التربوية وتصاغ مضامينها وغاياتها والاهداف التي انطلقت من اجلها لكي يدرك النشء الجديد بأن هذه الدولة بنيت على احلام قومية الاهداف والمرامي وانها كانت تطلعاً لكثير من المثقفين العرب الذين وقفوا معها ومن بعدها نشأت تيارات واحزاب عربية في عدة دول عربية تبنت اهداف وعلم الثورة العربية الكبرى ومنها حزب البعث كما يقول مصطفى طلاس في كتابه عن الثورة العربية الكبرى.
فهمنا ان هنالك لجنتين للاحتفال بالثورة ومئويتها: واحدة برئاسة رئيس الوزراء والثانية بالديوان الملكي برئاسة امين عام الديوان، ولكي تسير الامور كالمأمول منها يجب ان تكون هنالك رزنامة للاحداث في هذا العام 2016 معروفة مسبقاً وان يشارك القطاع الخاص في التحضير للاحتفالية الرئيسية وتشارك المدارس في مسابقات وطنية ثقافية ومسرحية تنبع من فكر الثورة العربية الكبرى.
ولا بأس ان نترك للناس في المحافظات هامشا ان تحتفل كما تراه مناسباً شريطة ان يكون منسجماً مع توجهات اللجان وبالتنسيق مع المحافظين.
ولا بد من الانتباه الى انه يكثر في هذه المناسبات تجار المناسبات الراغبين بالاستفادة المالية سواء عن طريق تقديم مبادرات او مشاريع اغلبها تجارية وسطحية وقد سمعنا عن بعضها، فلا بد من ان تكون المبادرات مشجعة وهادفة وليس وراءها الربح المادي.
سنراقب ونتابع الاحتفالات والمبادرات التي ستنطلق بهذه المئوية عسى ان تكون حسب الطموح الملكي من هكذا احتفالية، ولنا عودة بعد ان نسمع من اللجان التي لم تتحدث بعد؟!
الرأي