تفتيش وزارة العدل على عمل القضاة خرق للدستور وتدخل في القضاء
المحامي محمد الصبيحي
02-07-2008 03:00 AM
انهم يعملون بنظام غير دستوري
نعم وزير العدل ومديرية التفتيش القضائي يعملون بنظام غير دستوري , ذلك هو ( نظام التفتيش القضائي على المحاكم النظامية ) فمديرية التفتيش القضائي بنص نظامها تتولى مهمة:
أولا : التفتيش على أعمال قضاة المحاكم وأعضاء النيابة العامة ومساعدي المحامي العام المدني وقضاة التنفيذ باستثناء شاغلي الدرجة العليا
ثانيا : تقييم أعمال القضاة من حيث حسن تطبيق القانون وأستيفاء أجراءات التقاضي والاثبات وأسباب التأجيل والمدة التي أستغرقها الفصل في الدعوى وأستيفاء القرارات والاحكام لأسبابها وعللها وسلامة النتائج التي تم الوصول اليها وتحديد نسبة الفصل السنوي للقاضي
ثالثا : التفتيش على دوائر النيابة العامة ودوائر التنفيذ ودائرة المحامي العام المدني ودوائر الكاتب العدل وموظفي المحاكم . )
هذه المهمات تدخل في صميم عمل القاضي الذي يشعر أن عين وزير العدل ترصد كل كلمة يكتبها وكل قرار أو أجراء يتخذه وأن جهاز التفتيش قد يطلب أي ملف ويقلبه يمينا وشمالا كأنما يترصد غلطة أو خطأ بالرغم من أن القانون جعل محاكم الاستئناف هي الفيصل في تصويب قرارات المحاكم الادنى ومحكمة التمييز تصوب قرارات محاكم الاستئناف .
وللعلم فان مديرية التفتيش القضائي دائرة من دوائر وزارة العدل ولا تتبع أبدا المجلس القضائي فقد نص قانون أستقلال القضاء في المادة 41 على مايلي ( على الرغم من أي تشريع أخر يعتبر جهاز التفتيش القضائي تابعا للوزارة ... )
وبالعودة الى دستور المملكة فان أحدا لايجادل بأنه دستور يقوم على الفصل بين السلطات وذلك واضح في الفصل الثالث منه الذي حدد السلطات الثلاث بشكل منفصل , وأرجو أن نتأمل النصوص الدستورية الرائعة , فالمادة 25 تقول تناط السلطة التشريعية بمجلس الامة والملك .... ) والمادة 26 تقول ( تناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه ... ) والمادة 27 تقول ( السلطة القضائية تتولاها المحاكم على أختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر جميع الاحكام وفق القانون باسم الملك ) وأرجو ملاحظة الفرق بين النصوص , فالسلطة التشريعية تناط بمجلس الامة والملك ) , ( السلطة التنفيذي تناط بالملك ) الا السلطة القضائية لم يقل النص أنها تناط بالملك ويتولاها بواسطة القضاة , والحكمة في ذلك أن الهاشميين منذ وضع الدستور أسسوا لقضاء مستقل لم يتدخلوا فيه أطلاقا ولم تسجل واقعة واحدة لملك أو أمير تدخل في قرار لقاض أو محكمة , الاحكام فقط تصدر باسم الملك , القضاة هم الوحيدون في الدولة الذين يقررون باسم الملك دون الرجوع الى جلالته لأنهم مفوضون بموجب الدستور , ولايملك مثل هذا الحق لا رئيس الحكومة ولا مجلس الامة , نعم لايستطيع رئيس الحكومة أصدار قرار باسم الملك الا بعد عرضه على جلالته وصدور ارادة ملكية , ولايستطيع مجلس الامة أصدار قانون ووضعه موضع التنفيذ الا بعد عرضه على جلالة الملك وصدور الارادة الملكية بالموافقة عليه ووضعه موضع التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية أما القضاة فينطقون باسم جلالة الملك مباشرة ودون الرجوع اليه ولا يحتاجون لنشر قراراتهم بالجريدة الرسمية , ولا يراجعهم جلالة الملك فيما يقررون , فكيف يجوز لمديرية التفتيش القضائي التي تتبع وزير العدل عمل ذلك وأشهار سيف الرقابة على أعمال القضاة وقراراتهم وأجراءاتهم , ان هذا مخالف بصورة مباشرة وصريحة للدستور , وينبغي أن يتم فك أرتباط مديرية التفتيش القضائي بوزير العدل والحاقها بالمجلس القضائي لتكون ذراعه في متابعة أعمال القضاة وتقييم قدراتهم , وهو أمر لاعلاقة لوزارة العدل فيه من قريب ولا من بعيد اللهم الا أن يكون من بقايا محاولات الحكومات السابقة للهيمنة على القضاء .
أؤكد مرة أخرى أن نظام التفتيش القضائي رقم 15 لسنة 2001 مخالف للدستور , وآمل أن يجد وزير العدل الشجاعة القانونية والدستورية للأعتراف بذلك فمعاليه محام سابق ذو دراية وخبرة كبيرة بالقانون والدستور فاما أن تقر الحكومة بعدم دستورية هذا النظام واما أن تحيله الى المجلس العالي لتفسير الدستور .