كم مرة تنبأت الحكومة وأخطأت .. ؟
31-01-2016 02:35 PM
بحسب كل قوانين الموازنة العامة فان الحكومة/الحكومات، تقرر حجم النفقات، وتقدر (تتنبأ) حجم الايرادات، وبناء على حسبتها تتنبأ بنسبة النمو الاقتصادي، وعجز الموازنة، وتقدر حجم الايرادات المحلية، وتضيف اليها تقديراتها من الهبات والمساعدات والمنح الخارجية، ومع ذلك فان ايا من توقعاتها (تنبؤاتها) لا تنجح في كثير من الاحيان، ففي اخر موازنة عامة (2015) والتي نالت الحكومة الثقة عليها، يتبين منها أن الحكومة لم تحقق تنبؤاتها التي نالت الثقة على اساسها، ومنها معدل النمو الذي وعدت به، وحجم الايرادات المحلية التي قدرتها، وعجز الموازنة الذي توقعته (بعد المنح او قبلها سيان)، حتى انه في حالات مماثلة فان المنح والهبات والمساعدات المتفق عليها والمعلن حجمها كانت تقل او تزيد بحسب ظروف الاحوال السياسية ايضا.
اكثر من ذلك كم مرة تنبأ البنك الدولي؛ وصندوق النقد الدولي، بمعدلات النمو الاقتصادي وكانت غير دقيقة ان لم نقل انها فاشلة؛ رغم انها تعتمد بيانات ومعلومات رقمية يفترض انها دقيقة.
كم مرة تنبأ خبراء البترول والغاز، ووزراء النفط في الدول النفطية، ووكالة الطاقة الدولية، باسعار النفط لكنهم فشلوا؛ او لم تكن توقعاتهم دقيقة.
نعم هناك متنبئون جويون متحمسون في الاردن بدأوا من العدم مجرد هواية، ثم تتطورت مداركهم وقدراتهم بعيدا عن الدولة ودون مساعدتها، واذا بهم في سنوات قليلة يضاهون ثم يتفوقون على الحكومة بارصادها وخبرائها المعينين، وهناك منهم من وجد انها مهنة رابحة فدخل السوق لاحقا لان مصادر الرزق لم تعد الوظيفة الحكومية بل الارصاد الجوية الخاصة ايضا، وكل يريد ان يجتهد او يقدم قيمة مضافة تمنحه التفوق على غيره، لدرجة اكتشفنا معها ان الارصاد الجوية لسيت كلاشيهات من طراز تدني مدى الرؤية الافقية، أو رياحا شمالية شرقية مع هبات قوية احيانا، بل علم لم تستطع دائرة الارصاد الجوية الرسمية الامنة في مهنتها ووظيفة العاملين فيها ان تقدمه لنا لنثق برصدها المناخي، ولاعتمادها بازا مناخيا لاحوال طقسنا.
كثرة المشاركين في صناعة التنبؤات الجوية تعني ان عالم الحكومة المناخي الصغير هو في واقع الحال عالم واسع فيه من العلم والمعرفة والريادة والمبادرات التي تحمل في طياتها نوعا من المخاطرة الكثير الكثير، فدعوا الشباب يخاطر، ودعوه يبادر، واطلقوا العنان لطاقاته، وادفعوا دائرة الارصاد الحكومية للابتعاد عن روتينها، واجعلوا المنافسة المنضبطة هي المهيمنة، ولتكن دائرة الارصاد والحكومة بعامة النموذج الخلاق والمبدع والمبتكر والريادي.
لا يجوز ابدا ان نلغي المنافسة بقانون متسرع ونحن ما زلنا اصلا بانتظار قانون للمنافسة، فمبدأ الحماية تجاوزناه منذ زمن بعيد ولا يعقل ان نعود اليه من باب الطقس والمناخ العابر للحدود، فالناس والمجتمع لم تعد تستهويهم مواعظ الحكومة المناخية(وغيرها) التي لم تتغير مفرداتها، بل اصبح بمقدورهم وبكلف بسيطة التفوق على مؤسساتها علما ومعرفة وتواصلا مع العالم.
من الحكمة التعلم من الصغار ايضا لان لديهم من الافكار الجديدة ما يفوق الافكار المعلبة لدى الكبار؛ جربوا ولا تمنعوا، حاولوا ولا تقمعوا، تعلموا ولا تتكبروا، قدموا النموذج أولا قبل أن تقوننوا، نقول ذلك ونحن ندرك أن من العبث الحوار مع من يعتقد انه يملك دائما كل الحقيقة.