كان خَفيفاً كَريشة تَعوم على سَطح الماء ولا تَغْرَق, ونَحيفاً كان كَقلمِ رَصاص لا يُبرى إلا بشفرة لأن فتحة ألمِبراة
كانت أكثر إتساعاً من مُحيطه!, وكان رَقيقاً كَرِقّة ورَقة عِنب سَقَطَت من دالية وتاهَت بين غُبار رياح الخَمَاسينْ فما عادت تعرف طَريق العودة!.
كان يعشق ما قبل غروب شمس الصيف بقليل, لأنه كان الوقت الأنسب ليمسك بطرف الخيط الذي أدمنه!,كان طُوال نهارات الصيف ينتظر لحظة الإمساك بطرف الخيط,والخَيط السجين داخل الخزانة المعتمة يترقّب الخروج
نحو النور ليشتبك مع خيوط الشمس الغاربة!.
ذات نهار,راح هَوَسُ الإمساك بالخيط يتسارع أكثر مما مضى لدى الصبيّ الخفيف, النَحيف, الرقيق, فسارع للخزانة وأخرجه باضطراب كمن يُريد أن يَسرِق الزمن,ولا يسمح للزمن بأن يُغافله فيسرق منه لحظة ممارسة إدمانه!.
راح يتسلّق سور الحديقة وهو يُمسك بالخيط بكل ما أوتي من رغبة في التَمَلّك,قَفَز نحو سقف الطين والخيط مخنوقا بين أصابعه, أطلق العنان للخيط, راح الخيطُ ينساب كانسياب أفعى بنهار دافئ مُشمس من نهايات الربيع,هبّت ريحٌ فعانَدت الخيط,وقَهرت الصبي الذي راح يتقافز من سقف إلى سقف من أجل إنقاذ الخيط,وبلا إدراك منه,وبلا وَعيْ سقط مَغشيّا عليه بين سقفين!,فأفلت الخيط,ثم راحت طائرة الورق تغوص,وتغوص في فضاء أزرق بينما دمع الصبي كان يختلط بدمه جراء تلك السَقْطة!.