السؤال المطروح في الأوساط السياسية ، والأكثر تداولا في وسائل الاعلام العربية هو: هل حققت ثورة 25 «يناير» اهدافها ؟
الحقيقة أن ما حدث في مصر يختلف الى حد بعيد، لأن الحراك الشعبي السلمي الذي حدث في ميدان التحرير في 25 «يناير» نجح في التغيير، وكان من الممكن انتقال السلطة بسلاسة الى ائتلاف القوى السياسية الوطنية المشتركة، الا أن القوى الحزبية السياسية الدينية المنظمة، واعني جماعة الإخوان المسلمين، اختطفت الثورة، وقطفت ثمار التغيير وحدها، وقفزت منفردة الى السلطة، دون السماح بمشاركة الاطياف السياسية المتواجدة في الساحة السياسية المصرية، والقوى التي كان لها الدور الأكبر في التغيير.
وبعد مرور عام على حكم الحزب السياسي الديني، ثبت للشعب المصري، والاحزاب الوطنية المصرية، أن حكم الحزب الواحد فشل في ادارة الدولة، كما فشل في مواجهة المشكلات والقضايا المهمة والملحة المتعلقة بالكرامة والحياة اليومية للمواطن، الذي حمل التغيير آماله واحلامه بمستقبل أفضل. في ذلك الوقت لم تكن الاجواء السائدة تسمح بمغامرة جديدة، أو تجربة اخرى، بعد ثلاثين عاما من الفشل والفساد والازمة الاقتصادية، فعادت الجماهير الى الميادين طالبة التغيير مرة اخرى، فحدث التصحيح بدعم من القوات المسلحة التي انحازت، كما هي دائما، الى جانب مصلحة الشعب ، وإنقاذ مصر.
حدث التصحيح في الوقت الذي تحركت فيه الأحزاب السياسية الدينية، وفروعها المنتشرة في البلاد العربية، بحركات احتجاجية باسم المعارضة السياسية، تحولت بسرعة الى تمرد مسلح عنيف ، يهدف الى تحقيق المشروع الكبير للتيار السياسي الديني تحت مسميات وعناوين كثيرة، من أجل السيطرة على السلطة في اكثر من بلد عربي. ولأن مصر هي مركز قيادة هذا التيار ، ومنبع فكره ، رفضت قيادة جماعة الاخوان المسلمين، نتائج الحركة التصحيحية، وتم التهديد والتحريض على العنف والفوضى، والتمرد على السلطة باستخدام السلاح والتخريب، وتهديد الأمن والاستقرار.
هذا الواقع الجديد وضع السلطة امام مسؤولياتها الامنية، على حساب تحقيق التقدم والنمو الاقتصادي والاصلاح الاجتماعي. كان الهدف، وما زال، هو عرقلة حركة التقدم الاقتصادي، لأن قيادة «الاخوان» تعرف بالتجربة معنى الفشل في حل الازمة الاقتصادية، لذلك تم التركيز على استهداف القطاعات الجاذبة للاستثمارات، والتي توفر لمصر المزيد من العملات الصعبة، وفي مقدمتها القطاع السياحي.
ولكن القيادة في مصر نجحت في تجاوز كل المصاعب والعراقيل ومتابعة المسيرة، بحزمها وعزمها الداخلي، وبعلاقاتها العربية والدولية، وهي الارادة التي مكنتها في متابعة تنفيذ مراحل خريطة الطريق. واعتقد أن مصر المشغولة بصياغة مستقبلها قادرة على انهاء الفوضى واجتثات الارهاب ، لأنها ممارسات غريبة عن سلوك وطبع الشعب المصري.
لا نخاف على مصر، فهي دولة عميقة بحضارتها، وقادرة على مواجهة كل التحديات، وتحقيق اهداف ثورتها بالتدريج، بعد اعادة ترتيب اولوياتها الاقتصادية، من أجل اصلاحاتها الاجتماعية، وخصوصا بعد استثمار الغاز الجديد في حقل الشروق، وهو الحقل الأكبر في مياه البحر المتوسط.
الرأي