باع صديقي ضيف الله «تراكتوره» بالتقسيط وغادر هو الآخر الى دبي، شأنه شأن رؤوس الأموال التي خرجت من البلد بحثاً عن الاستثمار وهرباً من ضرائب حكومة الجباية ..
قبيل المنخفض الأخير بساعات اتصل بي ضيف الله وأخبرني أن قسط «التراكتور» صار متوفّراً مع صديقنا المشترك علي الغرايبة وما عليّ سوى الزحف نحو حوّارة وأخذه.. كما اتصل بمالك التراكتور الجديد علي غرايبة وأخبره أن أحمد يقضي بياتاً شتوياً في منزله وما عليه سوى أن يزحف نحو الرمثا ويسلّم القسط ... الغريب، لا أنا زحفت ولا علي جازف... فكلما جهزت نفسي للخروج فتحت ستارة الغرفة كمراجعة أخيرة لحالة الطقس ورأيت الغيوم القاتمة تملأ السماء تراجعت عن قرار الخروج من منطلق: « اذا الرمثا مغيمة كيف حوّارة» أكيد طايفة» فأعود الى «بيجامتي» واندس من جديد في فراشي المحصّن ...بالمقابل علي غرايبة كان يقوم بنفس الشيء ، بعد ان يجهّز نفسه للخروج ، ويهم بالمضي قدماً نحو الرمثا، كان يفتح ستارة بيته كمراجعة أخيرة لحالة الطقس وعندما يرى الغيوم تملأ السماء يتراجع هو الآخر عن قرار الخروج من منطلق: « اذا بحوّارة مغيّمة كيف الرمثا «أكيد طايفة» فيعود الى «بيجامته» ويندس في فراشه الدافئ من جديد... بقينا على هذا الحال منذ صبيحة الأحد الى مساء الأربعاء.. كلما طل أحدنا برأسه من الشباك ليرى الحالة الجوية توّهم ان البلدة المجاورة طايفة فيعود الى فراشه... أخيرا طفح الكيل مع ضيف الله الذي ينتظر القسط على أحر من الجمر فاتصل بي معاتباً : « يا رجل هو قسط دبابة..بدك تجيبه من تورا بورا»؟ قسط تراكتور موجود في حوارة ليس هناك مهمة أكثر بساطة وسلمية وسهولة منها..فاتفقت انا وعلي بعد مباحثات طويلة ومفاوضات مريرة ان نلتقي في نقطة وسطاً حتى لا يشعر أي منّا انه خسر الكثير من رصيد الكسل..المضحك في الموضوع أنه بعد أيام من التنبؤ خلف الستارة وإطلاق الأحكام المسبقة : «حوارة اكيد طايفة» و«الرمثا اكيد طايفة» اكتشفنا ان الرمثا وحوارة كانت أقل مناطق المملكة هطولاً حسب الأرصاد الجوية!!...
خلاصة القصة :
أولاً: بعض التنبؤات الجوية التي كنا نسمعها ونقراها كانت مثل تنبؤاتي ..تنبؤات من خلف الستارة..
ثانياً: المواطن الأردني عبارة عن مسؤول أردني مصغّر..يختلق ألف عذر لعدم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
ثالثاً: القسط اللي ما هو بيدك بكيدك..
رابعاً و الأهم : عندما يبيع الفلاح «تراكتوره» ويهاجر.. تماما كما يبيع الجندي «بندقيته» ويهادن...
وفي الحالتين: من المعيب ان نتشدّق بأي انجازات بعدها..
الرأي