غير مبرَّر ولا مفهوم هذا التحول الأميركي تجاه مستجدات الأزمة السورية التي يجب ألَّا يكون هناك أيُّ اعتقاد بأنها بدءاً من يوم الجمعة المقبل ستقترب من نهايتها وأن الخمسة أعوام الماضية سيطويها الزمن وستعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل آذار (مارس) عام 2011.
عندما يقول الوسيط الدولي دي ميستورا إنَّ اجتماع (جنيف3), الذي من المفترض أن ينعقد حسب تأكيداته يوم الجمعة المقبل, بمن حضر, فكأنه لا يريد للمعارضة (المعتدلة) الفعلية أن تشارك وكأنه ملتزمٌ بمسارٍ واحد هو المسار الذي رسمته روسيا ومعها إيران منذ البدايات والذي يركز على هدف واحد هو إجهاض الثورة السورية والاحتفاظ بنظام بشار الأسد إلى الأبد.
سينعقد اجتماع جنيف يوم الجمعة المقبل وقد تحضره المعارضة ليس لتعطيه شرعية وإنما لتثبت وجودها ولتدافع عن وجهة نظرها ولتوضح لأصدقائها قبل أعدائها أنها تمثل الشعب السوري كله وأن هذا الشعب قد اتخذ قراره في آذار (مارس) 2011 وأنه بعد كل هذه التضحيات والويلات لن يتراجع عن هذا القرار حتى وإنْ تضاعفت تضحياته وويلاته.
يريد دي ميستورا, بناءً على تعليمات سيرغي لافروف وموافقة جون كيري, وقفاً لإطلاق وتشكيل حكومة جديدة, أي الحكومة التي عرض هذا النظام تشكيلها منذ البدايات, وإعداد دستور جديد تتبعه انتخابات غير معروف ما إذا كان يقصد أن تكون رئاسية أم برلمانية وكل هذا بدون أي إشارة لا لـ «المرحلة الانتقالية» ولا لمصير بشار الأسد وأيِّ دورٍ له في مستقبل سوريا.
وبالطبع فإن هذا لن «يمر» إطلاقاً فهناك قوى مسلحة تتواجد في معظم الأراضي السورية وهي ومعها المعارضة السياسية (المعتدلة) التي ازدادت توحداً وتماسكاً بعد مؤتمر الرياض الأخير ومعها دول عربية شقيقة ودول صديقة فاعلة ستبادر إلى هجوم معاكس عاجل وقد تستهدف هذه المرة القوات الروسية كاستهدافها لقوات النظام والقوات الإيرانية والشراذم الطائفية المستوردة من كل حدب وصوب.
لقد بدأت هذه الثورة, التي أثبتت وجودها قبل التدخل الروسي والإيراني وبعده, من نقطة الصفر ووصلت إلى ما وصلت إليه وكادت أن تسقط نظام بشار الأسد لولا هذا التدخل ولذلك فإن كل ما طرحه وتحدث عنه دي ميستورا, تمهيداً لاجتماع يوم الجمعة المقبل, سيكون مجرد كلامٍ في كلام فصحيح أن هناك دولة عظمى وكبرى قد ألقت بكل ثقلها في الميدان ومعها إيران وكل هذه التنظيمات والشراذم الطائفية ومعها أيضاً التواطؤ الأميركي الواضح لكن على هؤلاء جميعاً ومعهم المبعوث الدولي أن يدركوا أن إرادة الشعوب أقوى من كل المؤامرات والألاعيب السياسية وأن النصر سيكون لإرادة الشعب السوري العظيم مهما تآمر عليه المتآمرون وتخاذل المتخاذلون.. وساوم المساومون !!