لا هبّة ولا مقاومة يريدون .. ماذا إذن؟ياسر زعاتره
25-01-2016 02:28 AM
يبشّرنا مدير جهاز المخابرات الفلسطينية أن السلطة الفلسطينية تعمل مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة واخرون لمنع «الفوضى والعنف والإرهاب» في الساحة الفلسطينية، في ذات الوقت الذي يحذر فيه من وجود أرضية لما سماها التنظيمات المتطرفة، وإمكانية أن تجد تعاطفا في حال عملت ضد الاحتلال. ومما بشّرنا به أيضا أن «قوات الأمن الفلسطينية أحبطت 200 هجوم ضد اسرائيليين منذ بدايةالموجةالحالية (الانتفاضة يقصد)»، وهو إنجاز يستحق الفخر بالنسبة للرجل الذي بات اسمه مطروحا في أروقة البحث عن خليفة لمحمود عباس، ويحق له تبعا لذلك أن يقدم بعض أوراق الاعتماد التي ترفع من أسهمه، وقد ذهبت بعض أوساط حركة فتح إلى أن إعلان الجهاز إياه عن القبض على جاسوس إسرائيلي في مكتب «كبير المفاوضين»، صائب عريقات (نفاه الأخير)، إنما كان جزءا من استهداف الرجل الذي يطرحه البعض أيضا كخليفة لعباس. الجهود المذكورة بالحفاظ على السلطة ومنع المقاومة أو الإرهاب؛ ليست، بحسب صاحبنا خدمة للاحتلال، بل «خدمة للقضية الوطنية الفلسطينية، وحماية المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتهاالقدس الشريف، والذي تحاول اسرائيل والحكومة اليمينية فيها تدميره». منطق غريب يتحدث به هذا وأمثاله، لكن الأغرب أن يجد من بين عناصر حركة فتح من يرضى به ويسكت عليه، حتى لو لم يعجبه، وأشعره ببعض الحرج أمام الجمهور الفلسطيني. يصرخ قادة السلطة ليل نهار بأن المفاوضات قد أثبتت عبثيتها، بينما تقرع أسماعهم يوميا طروحات الصهاينة بشأن التسوية، ورفضهم حتى مجرد تجميد الاستيطان في المناطق التي يعدنا بها مدير المخابرات كجزء من الدولة الموعودة، ومع ذلك يرددون ذات المعزوفة التي يسمعها الفلسطينيون والعالم أجمع منذ عقود دون جدوى. لا يقول لنا هؤلاء كيف يمكن تحقيق الحلم الفلسطيني العتيد (لا يشمل الـ78 المتبقية من فلسطين) دون مقاومة، كما لا يقولون لنا كيف سيقبل نتنياهو بذلك، وهو رفض عروضا أقل منها، كما رفض آخرون محسوبون على الحمائم، وليس على اليمين كما يسمونه؟! يفضل بعض قادة السلطة أن يسموا ما يجري هبة جماهيرية، ويرفضون مصطلح مقاومة، وها هم يفتخرون بإجهاض العمليات ضد الاحتلال، في ذات الوقت الذي يواصلون فيه الاعتقالات بحق الشرفاء للحيلولة دون تصاعد الانتفاضة، لكنهم مع ذلك يطاردون حتى منطق «الهبّة»، ويمنعون الناس من الوصول إلى الحواجز والاشتباك مع قوات الاحتلال (عباس قال مساء السبت إنه أمر بمنع الأطفال من إلقاء الحجارة على جنود الاحتلال، وأن التنسيق الأمن يمستمر لمنع العمليات)، والنتيجة هي أنهم لا يريدون أي نشاط ضد الاحتلال، ربما باستثناء تظاهرات موسمية هنا وهناك، بحضور بعض النشاطء الأجانب، فيما واقع الحال أنهم يستمتعون بوضع البلدية التي يديرونها تحت الاحتلال، وببطاقات الفي آي بي التي تسمح لهم بالتنقل دخولا وخروجا بين المدن وإلى الخارج، فيما يُترك المستقبل لتطورات الظروف، وهم لم ولن يسمحوا للسلطة بالانهيار، وبالطبع لأنهم يعلمون أن لذلك ثمنه الباهظ، وهم طلقوا الثورية، ولا مجال أمامهم غير مسار التصالح مع المحتل، بصرف النظر عن عطاياه. مع قوم كهؤلاء، ليس ثمة إلا التيه، وليس ثمة غير القبول بواقع الدويلة تحت الاحتلال على أقل من 10 في المئة من أرض فلسطين التاريخية، فهل يقبل الشعب بذلك؟ كلا بكل تأكيد، وتبقى المسؤولية الكبرى على حركة فتح أن تتخلص من هذا الإرث، وتنتفض مستعيدة وجهها كحركة تحرر تلتحمم مع شعبها في الخيار الذي اختطته كل الشعوب الحرة في مواجهة الاحتلال، ممثلا في خيار المقاومة بكل أشكالها.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة