انه لامر يدعو للشفقة والاسى لحال البعض ممن يبحثون عن ادوار وبطولات وهمية لكي يبقوا دوما تحت الاضواء وامام عدسات الكاميرات ، وكأن لا احد سواهم يفهم السياسة ودهاليزها، فنحن معشر العرب –ولله الحمد والمنة- نمتلك جيوشا من المحللين والمنظرين السياسيين ممن يعتقد بعضهم أن النجومية والشعبية الجماهيرية لا تأتي الا بانتقاد الانظمة والحكومات ووصمها بالخيانة والعمالة تارة والتآمر والتواطؤ تارة اخرى، وأن تحرير فلسطين والعراق وافغانستان لن يتحقق إلا بدعم إيران وحزب الله ضد الامبريالية الصهيونية العالمية الى ما الى ذلك من الكلام الفارغ والعنعنات الجوفاء التي ما قتلت ذبابة.من منا لا يعرف أن لكل الدول مصالح سياسية واقتصادية في هذه المنطقة وهو حق لاي دولة أن ترعى مصالحها ومصالح مواطنيها على النحو الذي لا يضر بمصالح الاخرين، أما إيهام الناس والشعوب أن هذا الطرف أو ذاك هو الاحرص علينا وعلى شعوبنا فهذا هو الجهل بعينه وهو كذب وتدليس لا لبس فيه.
من منا لا يعترف أو لا يقر بإن الوجود الامريكي في العراق ليس احتلالا، نعم نقولها بكل صراحة و بدون مواربة او تردد، ولكن ماذا عن الوجود الايراني ايضا، إيران الدولة المسلمة، إيران الثورة الخمينية، إيران الملالي، ألا يعد وجودها بأجهزتها الاستخبارية، ومليشياتها وعملائها ومرتزقتها عملا تخريبيا تدميريا دمويا أسوأ مئات لا بل آلاف المرات من الاحتلال الامريكي.
وكما يقول المثل أهل مكة ادرى بشعابها، فلو سألت معظم إخوتنا العراقيين الذين يعيشون بيننا في الاردن عن أحوال العراق وأهله لأسمعوك حجم المعاناة وعظم الكارثة التي يرزحون تحتها ولأخبروك عن حجم التدخل الايراني والدمار الذي خلفه ويخلفه وعن دور المرجعيات الدينية والتي لا هم لها سوى تمجيد القادة الايرانيين والمطالبة بالحقوق الايرانية، من منا لايذكر مطالبة إحدى المرجعيات الدينية والسياسية وبعد احتلال بغداد مباشرة بتعويض إيران عن خسائرها من جراء حربها، و حربها مع من؟! بالله عليكم هل يعقل ان يطالب مَن ِمن المفترض أنه قائد ديني وسياسي بالتعويضات لبلد آخرعلى حساب لقمة عيش أبناء شعبه؟...هذا غيض من فيض مما آلت إليه الامور في بلد الرشيد و التي لا يتسع المقام لسردها الآن.
إنه لمن العيب والعار أن نشطب ونجيِر آراء الناس لطرف ما دون أدنى درجة من المسؤولية والأمانة والموضوعية،بحجة الحرية واحترام الرأي والأي الاخر , فلقد شاهدت قبل عدة أيام ندوة من على إحدى شاشات الفضائيات العربية قال فيها أحد فلاسفة هذا القرن وأفلاطون عصره : "إن جميع الشعوب العربية مع حزب الله ومقاومته الشريفة"، وهنا أتوقف لأقول : من منا لا يدعم المقاومة الشريفة النظيفة ذات الغايات الواضحة والنبيلة وليست مقاومة الأجندات الخفية والغايات الشخصية،كيف أستطاع ذلك الفيلسوف البارع أن يعرف - وبقدرة قادر- أن يستنتج ان جميع الشعوب العربية تؤيد حزب الله وتقف الى جانبه؟!!
أصحابنا هؤلاء كانوا ينتقدون ويسخرون من بعض نتائج الإنتخابات الرئاسية العربية من أن نتائجها تأتي دائما فلكية وبنسبة 99.9%، فهاهم اليوم يجرون استفتاءات و استطلاعات للرأي نتيجتها 100%، فأي استفزاز و استخفاف هذا بعقول البشر؟!!!
أما بالنسبة لأمريكا، فلدي وجهة نظر يمكن أن لا تلقى رواجا بين صفوف أولئك المنظرين، فأمريكا ليست الشر كله ولا الخير كله، ففي أمريكا العديد من مراكز الأبحاث و الدراسات، مؤسسات المجتمع المدني، قوى سياسية ناشطة تؤيد بعضها الحقوق العربية وتدعمها ويمكن الرهان على تلك الأطراف لجهة الضغط على الإدارة الأمريكية من أجل تحريك المياه الراكدة وإيجاد حل عادل وشامل يكفل عودة الحقوق العربية لأهلها وتخليص المنطقة من دوامة الصراع العربي الإسرائيلي والذي استنزف طاقات وموارد الأمة.
أمريكا قوية لأننا ضعفاء.... ماذا قدمنا لانفسنا ولمجتمعاتنا وشعوبنا سوى الشعارات الزائفه والخطب الرنانة.. أين دور النقابات المهنية..مؤسسات المجتمع المدني..الاحزاب السياسية .. جميعهم في احسن الاحوال يسيرون
مسيرة اومسيرتان في العام يرفعون فيها اعلام الحزب او الجماعة او احيانا القائمةالخضراء، البيضاء، الحمراء، سمها ما شئت، خطبة هنا، هتاف هناك والى هنا ينتهي الامر وينفض السامر.
حدثني احد الزملاء في العمل وهو بالمناسبة أمريكي عندما سألته عن سبب الانحياز الامريكي الرسمي تجاه إسرائيل وسياستها العنصرية، فقال لي بالحرف الواحد :"أنتم كعرب لا تقدمون شيئا لقضيتكم، حتى على مستوى الإعلام" ودلل على ذلك بقوله : "عندما يشاهد المرء متحدثين اثنين أحدهما إسرائيلي والآخر عربي على إحدى شاشات التلفزة الأمريكية تلاحظ الفرق، فالأول يتحدث بطلاقة و قوة وثقة دون تلعثم ويوصل رسالته إلى المشاهد بكل وضوح، والآخر ضعيف في كل شيء لغته، مظهره، شخصيته، ولك أن تتخيل ماذا ستكون عليه النتيجة" و يختم قائلا : " هم يحضرون افضل ما عندهم وانتم تحضرون الاسوأ " .
خاتمة القول ، اننا اذا اردنا ان يكون لنا وزن وقيمة بين الامم ينبغي ان نغير طريقة واسلوب تفكيرنا وان نتوقف عن القاء اللوم والمسؤولية على الاخرين وكأننا رسل منزلين وان نظهر لانفسنا اولا بأننا شعوب لا تكره الحياة بل تقدسها, حينئذ وحينذ فقط سنصل الى نهاية النفق المظلم .
واختم كلامي بالقول لاولئك المنظرين ان اتقوا الله في انفسكم واوطانكم .
نضال الزبيدي
nedzed10@yahoo.com