لكي لا ينتقل صراخ « المولات » الى الشارع!حسين الرواشدة
24-01-2016 02:08 AM
التهديدات التي اطلقها بعض المستثمرين باغلاق “ محلاتهم “ ، او حزم حقائبهم للسفر ونقل استثماراتهم الى خارج الاردن , تبدو مفهومة في سياق الاجراءات التي تتبعها الحكومة ,سواء على صعيد ارتفاع فاتورة الكهرباء والضرائب ، او على صعيد البيروقراطية الادارية الطاردة للاستثمار , لكن ماذا عن “ الفقراء “ الذين تحملوا فاتورة الغلاء وتراجع الدخول , هؤلاء لم نسمع تهديداتهم بعد , ولا نتوقع - بالطبع - ان يحزموا حقائبهم للرحيل بحثا عن ملاذات امنة تسد حاجاتهم , او تسعفهم في العيش بكرامة . ليس لدي ما يجعلني اتحمس للدفاع عن اخواننا المستثمرين في “ المولات “ او غيرها , ليس لان رحيلهم خسارة ( وهوكذلك) لحركة الاقتصاد في بلدنا , وانما لان اصواتهم مرتفعة بما يكفي للدفاع عن “ رؤوس اموالهم “ ،كما ان قنواتهم مفتوحة تماما مع المسؤولين , لكن ما يهمني هم اهلنا الذين ضاقت بهم ظروف الحياة , فوقعوا ضحايا للفقر والبطالة والعوز , ولم يجدوا من يدافع عنهم او يرفع صوته بالنيابة عنهم , وحتى لو حصل ذلك فان ابواب المسؤولين ما زالت مسدودة امام مطالبهم , سواء بحجة (العيد البصيرة واليد القصيرة ) , بدعوى “ ليس بالامكان افضل مما كان “. ان اخشى ما اخشاه هو ان يفقد هؤلاء الناس الطيبون قدرتهم على التحمل , او ان يفهم صمتهم في اطار “ القبول” بالنصيب والاستسلام للقدر , او ان يدفعهم الاحساس بالتهميش والظلم الى “ الاحتجاج” بصور لم نتوقعها , وعندها سنتفاجأ بتحولات اجتماعية صادمة ومربكة ، وربما نقع فيما وقع فيه غيرنا حين استهانوا بصمت المهمشين ، او راهنوا على صمتهم وصبرهم. من المفارقات ان “ رأس المال “ لديه القدرة على التهديد , ولديه ايضا الرغبة في الرحيل , فيما “ رأس الفقر “ لا يهدد ولا يريد ان يزحل عن وطنه , ومن المفارقات ايضا ان الفقراء , يدفعون في الغالب فاتورة “ رضى “ المستثمرين و “ حردهم “ , كما انهم يدفعون ضريبة تشجيع الحكومات للاستثمار بشكل مبالغ فيه , وضريبة تطفيش المستثمرين الحقيقيين بشكل غير مفهوم . لا اريد ان ازجي باية نصيحة لاحد , فقد سبقني الكثيرون لذلك , لكن من واجبي ان اشير الى مسألتين : الاولى هي ان بلدنا يتعرض لحالة غير مسبوقة من الارتباك , وسوء التقدير “ السياسي “ , ربما يعود ذلك لبعض الرهانات على الناس وقدرتهم على التحمل , او بسبب المقاربات لما نحن فيه وما يعاني منه غيرنا , او ربما الاسباب تتعلق بعدم الفهم الدقيق, لما حدث في منطقتنا من احداث في السنوات الخمسة الماضية , او اخرى تتعلق بظروف داخلية وضغوطات خارجية , لكن المهم هنا ان ندرك حقيقة اساسية وهي ان رهاننا الوحيد يجب ان يكون على الناس في بلدنا , فهم – لا غيرهم – القادرون , على ضمان امننا واستقرارنا. اما المسالة الثانية فهي ان التحولات الاجتماعية التي طرأت على مجتمعنا , تزامنت مع “ ازمة “ اقتصادية خانقة , ومع انسدادات سياسية متراكمة , مما يعني انه خطر هذه التحولات التي فأجات البعض اصبح داهما بما يكفي لدفعنا الى البحث عن معالجات حقيقية , للخروج من حالة “ الاختناق “ الى افق جديد يسمح لمجتمعنا بالتنفس والاحساس بالامل , وهذه المعالجات تشمل المجالين السياسي والاقتصادي , ولا يجوز ان تظل رهاناتنا معلقة على الحلول الامنية فقط . لانها وحدها لن تتمكن من اعادة مجتمعنا الى سكة السلامة . هنا يجب ان لا نراهن على الوقت , فساعة الاحداث تسبقنا دائما , ولا نملك ان نوقف عقاربها , او ان نضبطها على موعد يناسبنا , كما يجب ان لا تأخذنا المقاربات الخاطئة مع تجارب غيرنا الى “ استنتاجات “ خاطئة ، او رهانات غير محسوبة , فنحن لسنا “ اشطر “ ولا احرص من غيرنا. باختصار اذا كان رأس المال ضاق ذرعا “ بالمناخات “ والاجراءات الاقتصادية , فان رأس الانسان في بلادنا , وهو الاهم , يجب ان يحركنا لرفع المعاناة عنه , واحترام كرامته وحريته , والاستثمار فيه ، لانه الوحيد الذي يضمن لنا ما نحتاجه من ارباح وما نريد ان نتجنبه من خسائر.هذا عين العقل اذا كنا نمتلك نقطة واحدة من بحر الحكمة ولو بأثر رجعي.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة