حول تصاريح العمل لأبناء قطاع غزة
د. رلى الفرا الحروب
23-01-2016 07:25 PM
بقلم النائب: د. رلى الفرا الحروب
ثار جدل كبير خلال الاسابيع الثلاثة الماضية حول قرار مجلس الوزراء الذي اعفى بموجبه أبناء قطاع غزة من حملة جوازات السفر الاردنية المؤقتة من رسوم تصاريح العمل عن الاعوام الماضية، والأمر باسيتفاء رسوم هذه التصاريح اعتبارا من العام 2016.
المشكلة تتلخص في أن حملة جوازات السفر الأردنية المؤقتة من أبناء قطاع غزة وغيرهم ( وعددهم يصل الى 150 الف نسمة من كل الاعمار، جزء صغير جدا منهم يعملون في الاردن) لم يكن مطلوبا منهم في السابق استخراج تصاريح عمل او دفع رسومها، ضمن ما يسمى سياسة المسكوت عنه، ولكن هذا كان مطلوبا من حملة وثائق السفر الفلسطينية ( وعددهم لا يتجاوز بضعة آلاف، وجزء صغير جدا منهم يعملون ايضا لان الكثير من المهن مسجلة باعتبارها مهنا مقيدة لدى وزارة العمل)، وبالتالي فانهم كانوا يعملون في القطاع الخاص، وبعضهم كان خاضعا للضمان الاجتماعي.
هؤلاء الخاضعون للضمان طلب بعض منهم عند انهاء خدماتهم قبل احالتهم الى التقاعد الحصول على تعويض الدفعة الواحدة من الضمان، ولكن الضمان الاجتماعي طلب منهم، وبناء على فتوى صادرة عن ديوان التشريع والرأي في عام 2012 الحصول على تصاريح عمل عن كل السنوات السابقة ودفع رسومها لوزارة العمل قبل اعطائهم مخصصاتهم لدى الضمان.
المشكلة ان الفتوى الصادرة عن الديوان اعتبرتهم غير اردنيين واعتبرتهم بالتالي خاضعين لاحكام المادة 11 من قانون العمل التي توجب على غير الاردنيين الحصول على تصريح عمل وترتب غرامات وجزاءات على المخالفين.
قبل هذه الفتوى من الديوان لم يكن هناك اي مشكلة، لانه كان يتم التعامل معهم كالاردنيين ولا يطلب منهم الحصول على تصريح عمل، اما بعد صدور الفتوى وقرار مجلس الوزراء الذي صدر قبل بضعة اسابيع، فقد اصبح هناك وضع جديد وخطير يعاملهم وكأنهم عمال وافدون، وكأن جواز السفر الاردني المؤقت الذي يحملونه لا قيمة له الا في عبور الحدود والاقامة في الاردن، حيث أن هذه الفئة ليس مطلوبا منها الحصول على اذن اقامة في الاردن، في حين ان حملة وثائق السفر الفلسطينية بانواعها لا بد من حصولهم على اذن الاقامة ودفع رسومها وغراماتها في حال التأخير.
اجتهادات بعض النواب ذهبت في الاتجاه الخطأ مع الاسف حين اعتقدوا انهم بامكانهم تعديل المادة 13 في قانون الاقامة والاجانب المعدل ( 26 في القانون الاصلي ) الذي نوقش تحت القبة وأقر في جلسة الثلاثاء الماضي، لينصوا فيها على استثناء حملة الجوازات الاردنية المؤقتة من الحصول على تصاريح عمل، في حين ان المادة تتحدث عن حق وزير الداخلية في منح اذونات الاقامة لبعض الفئات ومنها من يحصلون على تصاريح عمل، أي ان الشرط عكسي، وليس كما فهمه الزملاء، فللوزير الحق في منح اذن الاقامة بموجب احكام هذا القانون لمن يحصل على تصريح عمل بموجب احكام قانون العمل، ولم يستوعب الكثير من الزملاء ان المادة التي تستوجب التعديل هي المادة 11 في قانون العمل التي تنص على تصاريح العمل، وان قانون الاقامة لا علاقة له بأحكام اصدار تصاريح العمل، وإنما يحدد احكام اصدار اذونات الاقامة ورسومها وغراماتها.
كما فاتهم ايضا ان حملة الجوازات الاردنية المؤقتة ليسوا بحاجة الى الحصول على اذونات اقامة في الاردن، أي أن المادة 14 المذكورة في قانون الاقامة المعدل لا تشملهم بالاساس، في حين ان حملة وثائق السفر الفلسطينية هم الذي يحتاجون لاذونات اقامة، وكان الاولى بالزملاء ان يؤيدوا اقتراحا قدمته في المادة التي تليها وهي المادة 14 في القانون المعدل للاقامة والاجانب ( المادة 30 في القانون الاصلي) بشمول اعفاء حملة وثائق السفر الفلسطينية من دفع رسوم أذونات الاقامة أسوة بباقي الرعايا العرب الذين ينتمون الى دول تعامل الاردنيين بالمثل، ونظرا لأن حملة وثائق السفر لا ينتمون الى دولة، ( لأن دولتهم تحت الاحتلال) ، فقد كانوا محرومين من هذا الامتياز الذي منحه القانون،.
ولكن مع الاسف الشديد، ورغم انني قدمت هذا الاقتراح بتعديل المادة قبل شهر من الزمن، وقبل اثارة اي مشكلة تتعلق بموضوع تصاريح العمل، إلا أن رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة قرر ان لا يقرأ الاقتراح الذي قدمته في المادة، ولم يسمح لي بقراءته وعرضه على الزملاء وصوت على المادة بدون الاقتراح وضيع على ابناء قطاع غزة من حملة وثائق السفر الفلسطينية فرصة ذهبية لاعفائهم من رسوم اذونات الاقامة بموجب احكام القانون، بدلا من ان يبقوا اسرى على الدوام لقرارات مجلس الوزراء بالاعفاء او عدم الاعفاء. وحين طلبت اعادة فتح المادة في نهاية القانون حين كان الزميل د. مصطفى العماوي هو من يدير النصف الاخير من الجلسة، فان الزملاء لم يوافقوا على اعادة فتح المادة، وضيعوا على أبناء قطاع غزة الفرصة الوحيدة القانونية المتاحة وهي اعفاؤهم من رسوم اذونات الاقامة التي ارتفعت للشخص الواحد الى خمسين دينارا بدلا من ثلاثين دينارا بموجب احكام القانون المعدل الذي أقر قبل أيام.
المخرج الآن من الورطة التي وضع فيها ديوان التشريع والرأي جميع الاطراف هو واحد من اثنين : اما بصدور قرار عن مجلس الوزراء الموقر باعفاء جميع ابناء قطاع غزة من حملة الجوازات المؤقتة ووثائق السفر الفلسطينية من الحصول على تصاريح عمل، ومعاملتهم معاملة الاردنيين فيما يتعلق بفرص العمل في القطاع الخاص ( ذلك ان القطاع العام محصور بالاردنيين)، او بتعديل نص المادة 11 من قانون العمل لاستنثاء جميع حملة الجوازات الاردنية المؤقتة والمقيمين الدائمين من حملة وثائق السفر الفلسطينية في المملكة من تطبيق أحكام هذه المادة.
وقد اتفقت لجنة العمل النيابية ( وأنا عضو فيها) مع لجنة فلسطين النيابية على تبني هذا الاقتراح وسيتم التصويت عليه في لجنة العمل خلال يومين ورفعه الى عموم المجلس للتصويت باحالته الى الحكومة لتعيده على هيئة مشروع قانون معدل لقانون العمل.
قد يقول البعض ان هذه الرحلة طويلة زمنيا، وهي كذلك، وقد يقول إن قانون العمل بحاجة الى تعديلات اوسع من تعديل المادة 11، وأن هناك قانونا مؤقتا للعمل بحاجة الى اقرار ويقبع في ادراج الرئاسة منذ عامين، وهذا صحيح، ولكن هذا هو الحل القانوني الوحيد، ولذلك، فإن الاسلم امام الجميع في الوقت الراهن ولكسب الوقت، هو صدور قرار جديد عن مجلس الوزراء الموقر يعود فيه عن قراره السابق ويقرر اعفاء جميع حملة الجوازات الاردنية المؤقتة والمقيمين الدائمين من حملة وثائق السفر الفلسطينية من دفع رسوم تصاريح العمل.
إننا نناشد مجلس الوزراء الموقر اصدار هذا القرار كمرحلة اولى الى حين اعفائهم من استصدار هذه التصاريح بالاساس بتعديل المادة 11 من قانون العمل، ونتمنى من الحكومة ارسال تعديل المادة 11 من قانون العمل الى المجلس خلال اسبوع ليصار الى اقراره بصفة الاستعجال بدلا من انتظار رحلة التعديل الطويلة التي نص عليها الدستور حين يأتي الاقتراح بقانون من قبل مجلس النواب، ذلك انه بعد تصويت عموم المجلس عليه بالاكثرية المطلقة يتوجب على الحكومة اعادته على هيئة مشروع قانون خلال الدورة ذاتها او الدورة التي تليها، ولأن المجلس سيرحل اغلب الظن بعد هذه الدورة، فإن الفرصة تكون قد فاتت الى حين انعقاد مجلس جديد يأتي ضمن متغيرات جديدة.