أفتش في الشاشة الصمّاء عن مسلسل بدوي تحبّه، أخبرك عن أحداثه التي
ما كبرت بعد يا والدي..! هات يدك فإنّي أخاف..
عشرون عاما مضت وأنا ما زلت أستحمّ مرتين كل يوم، أجمّع فقاعات الصابون في أطرافي ثم أسحبها بقوة، أكشط الماء الحار وهو يتجمّع صوب قلبي بمبردة صدئة، أفتل خصل شعري لولبية قبل تجميعها قبعة زائفة. تعهّدت لأهل الحي بمماسح شهرية من مناشفي التي تعبت من حرقها كلّ يوم. قدّرت أنه زمن كافٍ للتخلّص من القذارات في دمي، وحين أصطف في طابور حافلة الساعة السابعة يضع جميع الواقفين أيديهم على أنوفهم، أرتل أواخر يس - يس لما قرأت له - أحمل حفنة من تراب لأتيمم ولا أبالي بأهدابي المستعارة وهي تتعفّر معي، أتحيّن فرصة انشغال صاحب "الكشك" بمغازلة فتاة عابرة، وأتضرّع لله بصلاة فائتة، هو وحده يخلّصني من السموم التي في دمي..
أطوي سجادة الصلاة وصباح غريب يلفح وجهي..
أكذب كل هذا؟
مضيفة فاتنة تقدّم لي مجلة أنيقة وقهوة مثلّجة، ومشهد من فيلم تصاب البطلة بـ"فوبيا" الصابون كان آخر ما التقطت عيناي قبل غفوتي، وأمّ فتيّة تحدّث طفلها الرضيع: "لولا ابتلاؤك بالقذارة لما كبرت!"
كيف سافرتُ وتركتك تموت؟
كيف أخبر الله أني زاهدة فيما يأتي من عمري وأنت تودّع الدنيا!
رجوته أن يقسم العمر بيننا، سنة لك وسنة لك..
صوتك المذبوح يفلق قلبي، وكدرة وجهك تفتّته..
العربي لا يخون يا أبي ولا يكذب!
يموت في الصحراء ويأكل الضبع قلبه ولا يخون يا أبي ولا يكذب!
الألم يتفاقم في عظامك المتآكلة، والثلج ربما هو الثلج القادم يصيب بث الحلقة الأخيرة فلا يُؤكل كبد حمزة !