لعل المتتبع لحالة الحراك المجتمعي الدائرة ليلحظ ، أن هنالك حالة شد مجتمعي حول القضايا المطروحة وتتخللها اصطفافات مشدوه تجاه صناعة القرار ، وهو ما يظهر ويبرهن ان المناخ السياسي في بلاد بات مهيئه لاستقبال المضامين الديمقراطية وغدا مستعد اذا ما تغلفه اجواء الوعي والحرص على المشاركة المسؤولة في ميادين التنمية المختلفة، سيما اذا ما تم ابرز الصورة الجلية لدرجة الانتماء التي يتمتع بها الجميع وروح المبادرة والمشاركة التي ترنوا إليها الغالبية العظمى من شعبنا لتقديم النموذج الأردني المدني الديمقراطي ، وهي عوامل اذا ما توفرت ستدعم المنهاج الديمقراطي وتثبت دعائم اركانه التي اساسها المشاركة والمساهمة والتفاعل مع صناعة القرار كما أنها في حالة تأطيرها في اطار مؤسسي حزبي سيكون لها الاثر الايجابي بالارتقاء بحالة المجتمع من مكانة الصمت الذي كان فيه إلى درجة المشاركة والتفاعل مع صناعة القرار ، فتعظيم الحالة الديمقراطية بحاجة الى مشاركة شعبية مأطره وحراك مجتمعي منظم وفاعل حتى تتأصل جذوره فيكون مفهوم الديمقراطية احدى مكونات الحياة العامة ، لذا فان العمل على ادراك هذه المفاهيم سيكون له بالغ الاثر في تقدم المنهاج الديمقراطي الذي يتكأ عليه الوطن لتقديم صورته الحداثية واظهار انسانه برسالته الحضارية وتقديم مجتمعه بروافعه المدنية والعصرية .
أن سياسيه الانفتاح والخصخصه المتبعة والتي هي اساس ومنطلق هذا الحوار والحراك قائمة على التشاركية بين القطاع العام والخاص على قواعد تحفظ دور القطاع العام كقطاع سيادي ضابط بقوانينه وانظمته كما انها تضع القطاع الخاص امام مسئولياته التنموية النمائيه بطريقة متكاملة، فالقطاع العام هو المسؤول عن تنظيم السياسيات وجنى الضرائب وتوزيعها حسب الموازنة على أن يتم عبرها تقديم التأمينات في مجالات الصحة والتعليم والضمان والسكن كونها احتياجات ضرورية اساسيه كما أن القطاع الخاص معنى في الانتاجية والتنافسية كما انه مطالب بانهاء ظاهرة البطالة كونه المسؤوله عن التشغيل والاشغال ، وهي معادلة تحفظ نسق التوازن بين متطلبات السوق واحتياجات المجتمع وتضع معيار الكفاءه ضمن ظروف الانتاج وترسيخ قيم التفاعل الانتاجي ضمن ضوابط عادله تمزج بين الربحية والقيمية، الامر الذي يحدد مسؤولية كل طرف من الاطراف المعادلة التنموية في البلاد ، ويوسع قاعدة المشاركة التنموية ويفتح المجال امام جذب الاستثمارات الخارجية ، ويساعد على ايجاد مساحات لأستثمار الانسان الأردني بالشكل المناسب والمكائن الملائم للمتطلبات السوق الانتاجية ، فترقي وتؤول نتائج هذه المعادلة الى ايجاد تحسن ملموس على المستوى المعيشيي للمواطن، وهو الهدف المباشر الذي يسعى اليه هذا البرنامج سيما وقد قطع اشواط كبيرة تخللتها معطيات ظروف تصحيح المسار الاقتصادي ومرافقاتها وحالة تسويق المنتج الوطني وعوامله، حتى استطاع أن يضع اوتاده ويضبط اقاعه فيتناغم مع حالة السوق العالمية بتعقيداتها ، وهو بحاجة إلى بعض الوقت لكي نجنى ثمراته او يتم المطالبة للعمل على تقيم نتائجه ، هذا الوقت الذي لا تحدده السياسات بقدر ما يحدده زمن الانتهاء من المشاريع الانتاجية الخدماتية المنتشرة في البلاد والذي قدره بعض المحللين بقرابة الف يوم .
فإذا كان الاجتهاد القاضي باستثمار الاراضي يصب في الاتجاه الذي يوفر للحكومة السيوله والملائه المناسبة في سداد الدين الخارجي وتقديم برامج تنموية تتعلق بتعظيم وتمكين الطبقات الوسطى والفقيرة من المجتمع من التكيف مع سياسه الانفتاح المتبعة ، فان هذا المنحى على الرغم من ملامسة للمدخرات الثابتة في الوطن لكن غاياته واهدافه الواضحة والجلية تبرر له ذلك على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات كما أن المدخرات توفر لطبيعة الحاجات والمستجدات ، ولان سياسة الانفتاح الاقتصادي تستهدف جذب الاستثمارات الخارجية الامر الذي يتطلبه توفير الارض والسياسات والمناخ الملائم لهذا البرنامج ليتمكن من الوصول إلى اهدافه ، سيما وان توفير الارض الملائمة احد الشروط اللازمة والضرورية لتحقيق البرنامج لغاياته وهو ما يتفق كلا الاتجاهين عليه في الكيفية لكن مكمن الاختلاف القائم حول الوسيلة وليس في الرؤيا والاهداف والكيفية وهو لا يعد شأن كبير لدرجة الشطح او الدق على ترانيم تقراء ولا تسمح ، فالاصل واضح والاجتهاد بين والاحتكام الدائم للراي الموضوعي الذي يفيد في ايجاد البدائل هذا أن توفرت!كما أن ذلك يجب أن يقوم على التفهم والفهم لطبيعة الحال ولا يتم ممارسة النقد لغايات التجريح او التفوه بهدف التنكيل القائم على التشكيك والاتهامية ، لكن حالة الحراك السياسي الدائره على الرغم من حدتها احيانا لكنها مفيد في تبيان حجم حرية التعبير التي وصل اليها مجتمعنا في حراكه المسؤول ، الامر الذي يستوجب من الجميع الحفاظ على قواعد المنهاج الديمقراطي والتحلي بسلوك قيمة حتى تفهم الرسائل كما هي ولا يحمل الامر اكثر مما ينبغي.
الكاتب امين العام لحزب الرسالة