ابداً ما كنت أتمنى لوزير التربية- الذي أكبرنا فيه جرأته بمحاولة الاصلاح التعليمي – الدكتور محمد الذنيبات , أن يضع نفسه في موضعين او ثلاثة أخيرة فتحت عليه سلسلة مآخذ لم يشأ حتى الان ان يعقب عليها.
مآخذ آخرها أنه أحرج منصبه كنائب أول لرئيس حكومة تنفذ برنامجا للاصلاح قام هو باختراقه عندما انحاز لقانون العشائر الملغي, وكأنه في ذلك لم يلتقط الرسائل الضمنية في ثنايا أوراق الاصلاح الملكية.
الذين انتقدوا رعاية نائب رئيس الحكومة لمبدأ الجلوة(باعتبارها عرفا مجافيا لقواعد دولة القانون والمؤسسات ), ومباركته لخيار شمول الجلوة الاقارب حتى الجد الخامس (باعتباره خيارا يتقاطع مع وثائق الاصلاح العشائرية التي ترعاها الدولة,كما تتعارض مع النصوص القانونية التي تحصر العقوبة بشخص الجاني)...هؤلاء الذين انتقدوا الذنيبات – وما أكثرهم بين ذوي الاختصاص- يستطيعون أن يقولوا ما يشاؤؤون , وقد قالوا وأفاضوا.
لكن الذي لم أجد له جوابا في كل ما ما قيل وكتب , هو لماذا رجل بهذه المسؤوليات والإحاطة يضع نفسه في موضع الاستهداف المكشوف. فهو يعرف سلفا أن ما يفعله ربما لا يرضي رئيسه في الحكومة, وبالتأكيد لن يرضي زميله وزير الداخلية الذي أخذ على عاتقه موضوع تعديل الجلوة العشائرية لتصبح بحكم القانون محصورة بالأب والاشقاء الذكور .
وفي هذا الخصوص التقى الاعيان وحصل على مباركتهم التشريعية سلفا. وربما الأهم من ذلك هو ان الرجل يعرف أكثر من غيره قسوة التنكيل الذي كان وقع على بعض أهل بلدته ايام غادروا بيوتهم في عتمة البرد وتلطّوا كراما عند كرام من وجوه الدخالة، في حادثة لم تفارق ذاكرة الاهل في محافظة الكرك.
لعله سوء الحظ السياسي للرجل أن جلوة أخرى حصلت في الحسا بعد ايام قليلة من التي ترأس هو عطوتها، وفي الثانية أعلنت العشائر أنها ستطبق التوجهات العليا للدولة بالتخفيف عن الناس الذين لا ذنب لهم، وذلك باقتصار الجلوة على من هم في دفتر العائلة فقط. بيان صدر ونشر يتضمن مقارنات يعرف الذنيبات وقعها.
ما فعله نائب رئيس الحكومة الموكل بالاصلاح التربوي، وهو يجازف بكل هذه الاعتبارات السياسية والوظيفية، لم أجد له تفسيرا يقنعني، سوى النكتة الكركية عن الرجل الذي سألوه لماذا يشتري قطف الموز , يقشر الواحدة منها ويغمسها بصحن ملح يضعه الى جانبه ثم يرميها على جانب الطريق الصحراوي، فكان جوابه: أفعل ذلك لأنني ببساطة لا أحب الموز بملح.
majeda811@hotmail.com