يرّف قلبك عندما يسألك زميل يجاورك في المقعد هناك في الجامعة من أين أنت ..؟! كيف تجيب، وكيف تختصر الوطن بكلمة.. وكيف تختزل قصة عشق بسطر .. إذن إكتب يا صديقي : الوطن وسم آبائنا وفخرهم وحصاد تعبهم .. الوطن حكاية وشم أمي وأغانيها وبقية صلاتها وتسابيحها .. الوطن يا صديقي أحلام أطفالنا ومراح خيلنا : " وأن شمسه على حيطانه أجمل من كل حيطان الدنيا" ... وأن دروب العسكرية يا صديقي ما زالت تخطف قلوب البنات ..
إعذرني فقد خانتني لغتي هذه ومتى كانت غير العربية تترجم لغة القلب ..فكيف اختصر قصة الأردنيين ووجعهم وصبرهم منذ ست آلآف سنة ، منذ الحارث الأول إلى عبدالله الثاني وأننا بنينا وطنا وحفرناه في الصخر ليس فقط بتراءه وإنما كل مدنه وقراه ومنجزاته رغم قصر اليد وظلم ذوي القربى ..!! كيف أترجم لك قصائد عرار وحبيب الزيودي وأغاني فارس عوض وتوفيق النمري... وكيف أشرح لك : "مريوشة العين ".. و" مشنشلة برباع " ... " ويابو خديد منقرش"...
هل تشم من جوابي عطر القيصوم والشيح والخبيزة ... هل تشمّ رائحة مدرقة أمي المشبعة بالهيل وخبز الشراك ودخان الصاج ... هل ترى في يدي أثرا من زيت زيتون بلادي .. هذا هو وطني ..
بل إسألني بماذا تشتهر بلادك .. لن أقول لك كم بقي لدينا من أسهم وفوسفات وإسمنت ويورانيوم لم يسرق بعد، ولن أقول يبست البندورة والخضروات في الغور وأن البحر الميت يحتضر عطشا .. لكن سأقول لك أننا ما زلنا نصدر فروسية وكرم وطيب وحب أغلى من العملة الصعبة .. وأن زيتوننا ما زال أخضرا في حرثا وكفر أسد وأن بنات غريسا ما زلن يحفظن تراويد العرس كما يحفظن أسمائهن .. وأن اللبنة الجرشية ما زالت لذيذة والجميد الكركي ما زال مطلوبا وابحث عنه في حقائب المغتربين .. وما زال السمن البلقاوي يرتفع إستهلاكه رغم إرتفاع مؤشر السمنة والكريستول في مؤشرات البنك الدولي ولكنه جزء من الهوية التي لا تقبل القسمة.
أعذرني يا صديقي فقد خانتني لغتك أما لغتي وهويتي فتحتاج أكثر من سطر أو جواب عابر فالحب يا صديقي لا يترجم ...!!!