شاهدها في "البتراء" وهي تَدوس بصندلها الرقيق على حجارة الورد الرسوبيّة,فأشفقَ على عينيه كيف أضاعتا
زَمنا من البَصَر ولم تُشاهداها من قَبل,كان ذلك للمرة الأولى التي يراها بها وهي لا تَدري,كان كأنّه أحد جواسيس الليل,أولئك الوطاويط الذين طاروا ليبنوا لهم أوكارا على صفحات التواصل الإجتماعي بقصد قنص أنثى يبني لها عُشّا من قش الحب الحقيقي,وليس من قَش بيادر أوهام أالفيسبوك",أو "ألتويتر"!.
تتالت أيام انتظاره ليلتقيا على حافة أسوار الصداقة,كان حذرا,وكانت حذرة,كانت تنهال على فراغ قلبه صور صديقات الوَهم,لكنه كان لا يفتأ كل مساء,وكل صباح,وآناء الليل الذي ينام فيه أبناء قبائل "ألفيسبوك",يُخرج صورتها من ألبوم الشاشة ليشكو لها ما لا يجرؤ على البوح به عبر صندوق المراسلات بينه,وبينها!.
أحبّها بلا هوادة,لم يَعُد يرى في الحب لونا إلا إذا اعترف بالسر الذي لا يَليقُ برجولته حسب ظنه...,لن أطيل.
إلتقيا,وإذا بشعرها البُني المُوشّى بخيوط من قرون الخروب الداكنة يحمل عينيه ليطير بهما نحو غابات الشمال الوادعة,لم يترددا بزيارة تلك الغابات,ولا حتى البادية حين أوحى له قلبها أن في خافقه حنين للبادية,تلك خريجة أهم جامعة,نسيت معه الفيزياء,والكيمياء,وخرائط البلدان,وأحرف هجاء اللغات هناك,ذاب قلبه وانصهَرَ داخل مُختبر قلبها الحاني فعقد العَزم أن يُواصل ذوبانه على جمرٍ أوقدته أيام الحنين,والإشتياق!.
بعد أعوام وقد صار الحب يمشي بلا عكاكيز,وبعد أن مَلّ الحَبوْ على بِساط الشوق,زارها,إختلفا على أمرٍ لا يختلف فيه طفلان,دَلَقَ القهوة على قميصه فخلعهُ ورماه قبل أن يخرج مُودّعا بقلب من فتافيت!.
ظنهُ الوداع الأخير,وظنّته كذلك,وأن لا لِقاء!.
#في المساء غَسَلت قميصه وعلّقته على حبل الغسيل ليُقابل حبل غسيل عَلّقت عليه قميصها,هَبّت ريحٌ شمالية
مصدرها تلك الغابات التي زاراها فَحرّكت حبل الغسيل,والتقى القميصان,فتصالحا!.