ان تكون يقظاً لعدوك متربّصاً به ، لا يعني بالضرورة ان تبدّل عدسات منظارك لمدى أبعد ، أحياناً أنت بحاجة أن تخلع منظارك بالكامل وتعيش الواقع ...لا نريد أن نراقب الذئب البعيد ،فيغافلنا ويعضّنا في قفانا «الواوي» القريب..
**
لا حديث يعلو هذه الأيام على حديث «المخدّرات»، في المجالس المغلقة والمفتوحة ، في بيوت العزاء ، في صالات الأفراح، في كل مكان الناس يشغلها الانتشار المرعب للمخدرات «الرخيصة» والتي صارت في متناول الدكاكين وأكشاك القهوة والباعة المتجوّلين وحتى القواعد من النساء..لا أبالغ ،ما نسمعه عن انتشار الحبوب في كل مدن المملكة في سابقة لم تعهدها البلاد يقرع الجرس عالياً ، وكلما قرانا عن ضبط عشرات الآلاف من الحبوب ..وضعت يدي على قلبي وقلت كم دخل مقابلها إذا؟....المشكلة أنه لا يوجد أي حديث رسمي «جدّي» حول هذا الإرهاب الجديد الذي يطرق أبوابنا جميعاً ...وكأن الحديث عن المخدرات يوازي الحديث عن «الملبّس ع لوز»...ولسان الحال يقول إذا كانت الحكومة تعلم فتلك مصيبة واذا كانت لا تعلم فالمصيبة «أسخم»، شخصياً لا أعتقد انها تعلم لأنها محاطة بغشاء من المرافقين يحيطونها في الموائد ،والموالد ، والجاهات والعزائم والمآتم ،ولا يسمعونها شيئاً سوى صدى الانتصارات على لقمة الفقير، وعبارات الغزل بالإدارة المظفرة ونقل ارتياحات الشارع «المريّح» أصلا...
**
«ألجوكر» ،»الفروالة» «دريم، «سبايس» و»بووم» ..وأسماء مغرية أخرى تنتشر في المدن والقرى ،ويعرف المتعاطون أوكار بيعها ، دون خوف او وجل، ويعرف الباعة زبائنهم ويرحبون بأي جديد على سبيل التجريب دون خوف أو وجل...وكل يوم هناك ضحايا جديدة من المغامرين والمحبطين والمراهقين وحتى الناس البريئة فبعض المروجين الخفيين يوصفونها كعلاج نفسي او مهدىء لأوجاع المعدة مما يقود للإدمان فيما بعد..
صاحب مختبر طبي قال لي أنه يتلقى أسبوعيا اكثر من عشرة أولياء أمور يأتون خصيصاً ليفحصوا أبناءهم من المخدرات لشكوك تدور حول سلوكهم...ويقول لخوفي من حدوث مشاكل اجتماعية اعتذر عن الفحص وأوجههم للمركز الوطني في عمان..
ما الحل؟ هل ننتظر الى ان يصبح جل شبابنا مدمنا و»محبحب»..ام علينا مراجعة العقوبة للمتعاطي والمروّج وتشديد الرقابة على المنافذ الحدودية ..ثم كيف تصل هذه الحبوب بهذه الغزارة الى كل حارة في الأردن بهذه السهولة..وبهذا الرخص فسعر حبة الفروالة كما يقولون دينار وتصل الى 75 قرشا احياناً...؟.
**
ان نكون يقظين للمنظمات الإرهابية الخارجية وتحركّاتها ، ضروري ومهم جداً..لكن علينا الاّ نغفل العصابات الإرهابية الداخلية وتحركّاتها التي تتاجر بصحة وأعمار ومستقبل البلد وأبنائه..يجب الا نعتمد على جهاز أو هيئة حتى تحمي أولادنا... مسؤوليتنا جميعاً التبليغ والتسليم والجهر بكل ما نراه او نسمع عنه فوراً...فنحن الحكومة ونحن الجهاز ونحن الهيئة...والتحرك الان وليس غداً.
وغطيني يا كلامة العلي..
الراي