يسجل للاردن تعاطيه الإنساني والأخلاقي والقومي مع ملف اللاجئين السوريين وما ينطوي عليه من تبعات واعباء شكلت ضغطا على موارده المحدودة وبنيته التحتيةوقطاعاته الخدمية والتنموية من صحة وتعليم وطاقة ونقل ومياه في ظل أوضاع مالية واقتصادية صعبة . إذ بلغت التكاليف التي تكبدها الأردن نتيجة استضافته حوالي مليون و 400 الف لاجئ سوري منذ عام 2011 وحتى تاريخه ما بين 5 – 6 مليارات دولار ، بلغت اسهامات المجتمع الدولي منها حوالي 35% في حين يتوقع ان يتكبد الأردن أعباء إضافية حسب خطة الاستجابة الأردنية للازمة السورية عن الفترة 2016 – 2018 حوالي من 6 – 7 مليارات دولار بمعدل من2 – 3 مليارات دولار سنويا ، وهذه مبالغ طائلة على دولة تعاني من بطالة وفقر ومديونية وعجز موازنة بشكل لافت .
ومع ذلك نجد بعض الدول والهيئات الدولية تسعى الى الضغط على الأردن في محاولة منها لدفعه لادخال حوالي 12 الف لاجئ سوري على حدوده الشمالية (رقم مبالغ فيه حسب مصادر اردنية) قدموا من مناطق سورية مخترقة امنيا وتشكل اوكارا للتنظيمات الإرهابية كالرقة والحسكة ودير الزور ، بصورة تجعلها تهدد امن الأردن ، الذي اخذ على عاتقه التعامل الحذر مع هذا العدد من اللاجئين المخترقين ، واخضاعهم لإجراءات تفتيش خاصة تتناسب وحجم التهديد الذي يمكن ان يسببه لبلدنا ، الذي لم يقل انه لا يريد ادخالهم ، ولكن بعد تفتيشهم تفتيشا دقيقا وعلى دفعات وباعداد قليلة ، حتى لا يتمكن الارهابيون من دخول الأراضي الاردنية تحت ذريعة البعد الإنساني ، الذي لا يجب تقديمه على البعد الأمني على الاطلاق . فموقع الأردن على حدود دولة تعاني من الفوضى والاضطرابات والحروب الداخلية وتعد ملاذا للكثير من التنظيمات الإرهابية ، تملي عليه التروي في التعامل مع هذا الوضع الحساس والمقلق ، وبما يضمن له الحفاظ على جبهته الداخلية امنة محصنة وعصية على أي اختراق ، سواء من دول الجوار او من أي مكان اخر قد يشكل تهديدا لامننا الذي يعد اولوية .
فالاردن عندما يتخذ هذا الموقف الحازم والحذر في تعامله مع هذه الجزئية المهمة والحساسة في ملف اللاجئين السوريين ، له مبرراته في ظل ما يحظى به من إحاطة ومعرفة بطبيعة ما يجري على الأراضي السورية ، معززة بالمعلومات الاستخباراتية التي يمتلكها ، والتي ساعدته كثيرا في ان يبقى محافظا على أمنه وحدوده ، لا بل وان يعتمد كمرجعية معلوماتية يعتد بها من قبل المجتمع الدولي والاطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة في مشهد الاحداث السورية في تولي مهمة تنسيق جهود اعداد قائمة بالتنظيمات الإرهابية في سوريا ، لأمور تتعلق بالتسوية السياسية فيها في إشارة الى الثقة التي يحظى بها الاردن من قبل المجتمع الدولي .اللافت في موضوع الجهات التي تطالب الأردن بفتح حدوده على مصراعيها امام اللاجئين السوريين تحت ذرائع وشعارات انسانية ، ومعظمها من الهيئات والدول الغربية والأوروبية ، التي اشبعتنا دروسا وشعارات عن الإنسانية وحقوق الانسان، سقوطها المدوي في هذا الاختبار الإنساني والأخلاقي عندما اغلقت حدودها في وجه اللاجئين السوريين بحجة الخوف من وجود إرهابيين بين هؤلاء اللاجئين في الوقت الذي اكتفت فيه الأمم المتحدة بدور المتفرج ، بينما تسمح لنفسها بالتباكي على عدد محدود من اللاجئين على حدود الأردن ، لمجرد انه يراعي الابعاد الأمنية في تعامله معهم . انه التناقض الذي يغلف مواقف الغرب والهيئات الدولية من القضايا الإنسانية .
الراي