بعد عام 1492 وسقوط الأندلس ونجاح الاسبان في تأسيس دولتهم, قامت البواخر بالتوجه غربا حيث اكتشفوا امريكا وبدأوا يرحلون اليها.
قام الانجلو ساكسون بالنزول للشواطئ الشرقية للقارة الامريكية لحاقا برفاقهم من الغزاة الاسبان.
لقد أطلق القس البريطاني الشهير لانسلوت آندروز فتوى مدوية، تقول ان الارض صحن من اللحم على مائدة يقطع منه الانسان الأبيض ما يشتهي، لاباحة المجازر القادمة لشعوب القارة (الاصليين) من الهنود الحمر, ولازالة اي شكل من اشكال تأنيب الضمير, وبنادق الغزاة ومدافعهم تبيد قرابة 400 أمة وتقتل بها 18 مليون انسان، ليطلق بعدها تشارلز دارون مقولته الشهيرة: انني افضل ان أكون من نسل ذلك القرد الشجاع على ان اكون من نسل انسان همجي.
بعد سنين ادرك الساسة هناك ان الغد لن يكون آمنا ما دام لتلك القبائل بقية لم تنسَ جرائم البيض في حق ابائهم وسلب اراضيهم, وما دام الحقد يتأجج والثأر ينتظر ساعة الصفر لينفجر.
عمد أولئك الساسة لوضع خطة جديدة هي أقوى وانجع في القضاء على الاخر ,مازالت متبعة حتى اليوم , ولكن بوسائل اكثر فعالية، فقد انشا الغزاة مدارس للهنود الحمر ,بعد ان حصروهم في مخيمات خاصة , وهدف تلك المدارس قتل هندية الهنود، كما قال مؤسسها وواضع منهاجها الكابتن ريتشارد هنري بران، وذلك بإجراء غسيل دماغ قسري ومكثف للملايين من هذه الشعوب، من خلال مناهج تمجد المستعمر وتعلي شأن ثقافته وتؤكد ضرورة تقليدهن لكي تنسى تلك الشعوب البائسة ان هناك قضية تخصها يمكن ان تطالب بها لاحقا, وهو ما لخصه وليم جونز أحد عرابي هذه المدارس بقوله: الهدف ابادة الهندي وخلق انسان جديد بداخله.
كان أحد الزملاء يدرس في الجامعات الامريكية في الخمسينات من القرن الماضي ,وفي احتفال قام ينتقد الصهاينة بما فعلوا في مذبحة دير ياسين الشهيرة، ثم جاءه رئيس الجامعة وكان كبيرا بالسن يسأله كم شخصا قتل في دير ياسين؟ قال له الطالب لا أعرف ولا يحضرلي الآن عدد القتلى وعدد من مثل بهم,قال رئيس الجامعة هل هم مائة او مائتان او ثلاثة؟
قال له الطالب ربما...
قال رئيس الجامعة :اسمع يا بني نحن الامريكان قتلنا من الهنود الحمر قرابة عشرين مليون نسمة ولم يهتز لنا رمش ,فأنت تأتي وتحتج على قتل بضع مئات ؟
هذه العقلية الصهيونية على ما يبدو انهم يفكرون بابادة الشعب الفلسطيني وغسل ادمغة ما تبقى منهم....
هذه الفرصة لن تلوح لهم ولسنا هنودا حمر...
يتناسون ان الشعب الفلسطيني جزء من الامة العربية ذات التاريخ والحضارة,وان المقدسات في عهدتهم,كما ان المقدسات مليئة بدماء الشهداء من ابائنا واجدادنا الذين لم يألوا جهدا للدفاع عنها.
لقد قام المسيحيون بتسليم مفاتيح القدس للخليفة عمر بن الخطاب ووقع لهم العهدة العمرية.
لقد طلب بطرق الارثوذكس صوفروفينوس من الخليفة عدم اسكان اليهود في القدس.
لكنهم في امريكا بعد حروب طاحنة بين الشمال والجنوب قاموا بتأسيس دولة ديموقراطية ووضعوا دستورا يخدم الجميع واصبح يضرب المثل بديموقراطيتهم وعدالتهم والمساواة بين الجميع داخل بلدهم ,ولكنهم لا يطبقون ذلك خارج ولاياتهم ويكيليون بمكيالين.
في بلادهم يحاولون اضفاء السعادة على شعوبهم من اجل اسعادهم , حيث شهد الفكر المتعلق بالسعادة تغيرا كبيرا ,حتى وقت قريب كان يبدو من المنطق الافتراض ان السعادة تحددها عوامل مثل الحظ او القدر او الجينات الخارجة عن سيطرتنا.
ان السعادة تعتمد على العديد من العوامل ضمن الاشياء الواضحة مثل الاستمتاع بالصحة الجيدة والعلاقات الوثيقة ,الى امور اخرى قد لاتبدو بديهية للوهلة الاولى.
ان بعض تلك العوامل بالامكان تعلمها او تعزيزها، كما ان الدورات التي تعلم العادات العقلية الايجابية، مثل تقدير الاشياء التي تهم وتجنب التفكير بالانتكاسات، قد أظهرت تحسنا ملموسا بالرفاهية.
لقد ساعد الدالاي لاما مؤخرا في اطلاق سلة من تلك الدورات في لندن وهي دورات تم تطويرها من قبل منظمة العمل من اجل السعادة.
ان مجتمعات بأكملها يمكن ان تحاول ايضا ان تحسن سعادتها. لقد أدخل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون قياس السعادة في الاحصاءات الوطنية ,كما قامت المستشارة الالمانية انجيلا ميراكل في الاونة الاخيرة
باطلاق برنامج لترويج رفاهية الوطن.
ان كيفية حكم البلدان لها تأثيركبير على السعادة ,فالنجاح في المحافظة على السلام وحكم القانون وانشاء دولة المؤسسات والقانون ووجود ديموقراطية فاعلة هي امور مهمة للغاية.
ان هناك ادلة قوية على ان تلك الامور عادة ما تكون مرتبطة بالرفاهية، وربما تتسبب بها، وهناك أسباب واضحة لماذا ينبغي ان يكون هذا هو الحال ان وجود المرء في بلد يعيش حالة السلم، لا يعتبر بحد ذاته سببا لجعله سعيدا، ولكنه ولكنه يزيل اسباب واضحة كثيرة للتعاسة.
لقد قيل :
تعلم الحب غير المشروط، وتكلم دون سوء نية، وتعلم العطاء دون سبب، والاهم من الجميع ان تقدم الرعاية للاخرين دون توقعات ثمن لذلك، فتلك تجلب السعادة وتعزز الرخاء والطمأنينة.
dr.sami.alrashid@gmail.com